همس في أذن فرناتشي

بي رغبة في أن أهمس في أذن ذلك المسؤول الذي اتخذ قرار قمع المسيرات التي دعت إليها تنسيقيات العشرين من فبراير،الأسبوع الماضي،بين الثامن و العشرين من شهر ماي و التاسع و العشرين منه....أن أسأله:ما الذي وقع و أنت حتما، مرغم،في هذا الخامس من يونيو ،أن لا تطلق هراواتك على شباب لا يقترف جرما، غير الاحتجاج السلمي و الصدح بوقود هذا الغضب الذي يعتمل في صدور المغاربة، و التي كانت هراواتك بمثابة شعلة النار التي كادت أن تحرقنا جميعا؟؟؟
فقدنا كمال العماري،و هشمت جماجم الكثير من المواطنين،و حلقت صورة المرأة ذات الجلباب الأسود العزلاء في كل القنوات التلفزية العالمية و هي تصرخ ألما من وقع هراوة رجل أمن فض تابع بشكل أو بآخر لسلطتكم....كما أن جهات دولية عديدة،عبرت عن قلقها مما نعتته بأنه مظهر من مظاهر النظام البوليسي الغير الديمقراطي الذي يحكم قبضته على رقاب المغاربة....
شخصيا لا أعتقد أننا نعيش نظاما ديكتاتوريا بالشكل المتعارف عليه كأنظمة ديكتاتورية...نعيش استبدادا لطيفا،نوع من الانفتاح المتحكم فيه،يجعل المنتديات الدولية ، الأوربية منها و الأمريكية، تشيد بالكثير من مبادراته، و ربما عبرت عن استعدادها بأن تمد له يد العون كي يشذب الكثير من أعشابه الخبيثة، و يمنح المواطنين بالونات أكسجين تمكنهم من استنشاق هواء نقيا و صحيا....كانت حركتكم الرعناء بقمع مسيرات الأسبوع الأخير من شهر ماي، شبه رصاصة ستودي بهذا البلد لما لا يحمد عقباه...
لا حاجة لك كي أهمس في أذنك، أن مسيرات التي جابت شوارع المدن المغربية، و مسيرة الرباط بالضبط، التي كان لي شرف حضور أجواءها،مرت في أجواء جميلة، تعبر عن هذا الإصرار المغربي بإعطاء الشارع كلمته كي يصدح بمطلب الحياة لا الموت،الذي يفوح من هراوات رجالك...
في ذات الوقت،يجب الإقرار بأن شباب العشرين من فبراير استعادوا وهج لحظة الميلاد،و هم يمسكون بالسواعد، على شعاراتهم المؤسسة الأولى، بأن يسقط الفساد، و يحاسب الناهبون، و يسود العدل و ينتظم القضاء في شكله النزيه و العادل، و أن يفهم الحاكم نفسه، و هو هنا بدون مواربة الملك،كفاعل أساسي في اللعبة السياسية المغربية، و يساهم في توطيد ملكيته البرلمانية،حيث سيتوج أكليلا فوق رؤوس كل المغاربة،موحدا لهم و ضامنا لاستقرار الدولة التي ينتمون إليها،و يديرونها بسياسييهم المنتخبون، كأي ديمقراطية في معناها الحقيقي...
هو المنطق و الحكمة ما يجعل للحوار مخرجا إنساني و حضاري،أن تبقى الوثيقة التأسيسية للعشرين من فبراير أرضية شبه مقدسة،أن يعرف الفرقاء المنضوون تحت راية الحركة، أن المغاربة ملتفون حول روح هذه المطالب حين تكون موحدة لهم، أن تعرف الدولة أن وجود الفرقاء داخل الحركة لا يعطيها مشروعية استئصالهم بدعوى خلفياتهم التي ترمي لاستئصال النظام، بل  يجب أن تفتح مجالات الحرية بشكل أكبر لهذه التعبيرات، و التي حتما ستصطدم بالتطلعات المنطقية و الرزينة لمختلف مكونات الشعب المغربي...




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بؤس الصحافة: سمبريرو العالمي وكاغيد الأحداث المغربية

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الأكراد يرفضون عرض الداعشية العلمانية...

رسالة للصديقة سناء العاجي.....أو حين يزهر شجر اللوز رغم صقيع اللغة

الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة

المعادلة الصعبة