الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة




تداولت عدة منابر إعلامية، و مواقع إلكترونية اجتماعية، برازيلية و إسبانية  صور للأميرة للا حسناء،و هي تسبح بشاطئ ريودي جانيرو، في دولة البرازيل.
كانت ترتدي، و لضرورة السباحة،لباس خاص بها،ترتديه كل النساء اللواتي يقصدن البحر من أجل ذلك.
الذين تداولوا الصور،مختلفون من حيث توجهاتهم و ربما أجنداتهم الخفية،بينهم المعجب من المواطنين البسطاء،الذين يحبون تتبع أخبار الشخصيات العمومية، و ربما بالأخص أفراد الأسرة الملكية،و الذين قد يحبذون رؤية أميرة تعيش بشكل طبيعي،شابة و أم و امرأة، تعشق السفر و البحر و لها حتما أمورها التي تفرحها و أخرى تقرحها....لعل هذه الشريحة هي ما تشكل مساحة الضياء الكبير التي قد تطمئننا لمسار هذا البلد الذي يزعج انتباهنا، و يجعلنا نشد على نواجدنا خوفا عليه ....
هناك من دبج تعليقاته بربط الأميرة بإمارة المؤمنين التي يتلفع بها ملك البلاد،و يدس الكثير من السم باتجاه شحن العواطف و تجيش الغوغاء،و الغريب أن الذين فعلوا ذلك بعض من الصحافة الإسبانية و البرازيلية،و بعض ممن يحاولون الاصطياد في أي ماء كيفما كان، ناسيين بأن إمارة المؤمنين،على الاختلاف الذي قد يكون حولها، تخص الملك وحده،و لا تسري على أفراد أسرته، الذين ، و إن كانوا متميزين على المستوى القانوني و الدستوري، ليسوا سوى أفراد من هذا الشعب....
آخرون دبجوا تعليقاتهم بكون التواجد في البرازيل و شواطئه،هو تبذير لثروات الدولة،محاولين تحوير أنظار المتابعين للنهب الحقيقي الذي تعانيه هذه الثروات، و الذي لن يتجسد أبدا في صورة امرأة تسبح  بكل عنفوانها و حريتها في شاطئ ما،الصورة كان لها أن تكون بشواطئ الصخيرات، أو ميراللفت أو السعيدية، و لن ترمز في ذلك لأي نهب أو تبذير لهذا المال العام.
الصامتون في هذا الموضوع ربما هم الأكثر إيذاء لمشروعهم، إنهم الحداثيون الديمقراطيون،الذين لا يستطيعوا أن يدافعوا عن قيمهم الاجتماعية،و يشرحوا لعموم الناس،المنتسبون للمجوعة الأولى أعلاه، و الذين هم في صفهم، معنى الحرية الفردية للأميرة في لباس ما تشاء و أن تسبح كيفما تشاء، و أنها غير ملزمة في وضعيها الاعتباري، سوى بواجب الاحترام للقيم المشتركة لجميع المغاربة، و منها الحريات التي يتوقون إليها أو ينعمون بها.
الصمت هذا مرده أسباب عديدة، لعل أخطرها ذلك الخوف الكامن في أعماقهم من بعبع القيم الرجعية التي يطبل لها الاسلاموين في خطاباتهم،و مرده أيضا لعدم ثقتهم في المنحنى التصاعدي لمفاهيم الديمقراطية و الحرية وسط هذا الشعب.و هو منحى يتأكد يوما بعد يوم، متجسدا في وعي اجتماعي و سياسي ابهر الكثير من المتتبعين للشأن الوطني.
في حياد تام عن كل موقف من المؤسسة الملكية،ضرورتها كلاحمة لفسيفساء هذا البلد،و مضمونها الذي يجب أن يتغير باتجاه رمزية ،تسود فيه و لا تحكم،أجدني فخورا بالسيدة للاحسنا، كأخت لرئيس البلاد،في صورتها الرمزية هاته، و هي تجسد كل معاني الجمال و التحرر و الحداثة التي تتوق إليهم كل نساء هذا الوطن......


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همس في أذن جثة متعفنة

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الصورة كإنجاز دبلوماسي وسياسي

السفارة في العمارة

الإستخفاف الموجب للمقاطعة

إرهاب العارف....في منع مشارف

بعد رصيف القيامة، قارعة الطريق ، للشاعر عدنان ياسين، تفاعلا مع 20 فبراير