نحن استثناء.........نحن لسنا استثناء

لم تهدأ بعد ثورة أرض الكنانة،و إن كانت قد حققت المطلب الرئيسي المتمثل في رحيل الرئيس حسني مبارك، إلا أنها لم تحقق بعد المطلب الأساسي، و هو بناء "الدولة الديمقراطية الحرة"،على حد تعبير البيان الرابع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بدل "الدولة الوطنية الديمقراطية". كذلك الحال بالنسبة لثورة الياسمين،التي طردت الرئيس بنعلي،لكنها لا زالت في جلباب النظام القديم، و لعل في ترأس الغنوشي للحكومة الإنتقالية، و هو الذي حكم لما يزيد عن العشرين سنة بجانب الرئيس الهارب خير مؤشر على التفاف النظام، الذي لم يسقط، على هذه الثورات.
النقاش الدائر حول الثورتين بالمغرب،يستحضر واقع هذا البلد، و مدى تأثره بالذي حدث في الخط العرضي الذي يجمعه بهذه البلدان،و هو نقاس اتسم بالكثير من الانفعالية و التموقع، أو الرغبة في إبراء الذمم اتجاه ما يمكن أن يقع....لدرجة أن بعض الذين كانوا محسوبين على اليسار، أخذوا المبادرة أو أوعز لهم للكتابة حول الاستثناء المغربي، في تبديد للمخاوف أو في رد على موقف كان بالبساطة لا يستوجب هذه الردود....
لم يكن نقاشا حول احتمال انتقال عدوى الثورة من عدمه، بل أجمعوا كلهم على تنبيه الأمير لواجب التحفظ الذي يتطلبه موقعه كفرد للأسرة الملكية....
إن تكلم مواطن، يخرجون ورقة المقدس، و الاحترام الواجب للملك، و إن تكلم أمير يخرجون ورقة واجب التحفظ....فمن يتكلم إذن....الجواب:لا أحد بالطبع...
في دردشة حول حادثة اعتقال نائب عمدة سلا، المنتمي لحزب العدالة و التنمية،مع مستشارين، المفروض فيهما أنهما يمثلان حزبان مختلفان، أجمعا معا على الرواية السياسية التي تفيد أن حزب البام هو من وراء هذه الحادثة، و ان تهديدات سبقت الوقائع ليلة انتخاب عمدة سلا، و تشخصت الوقائع في اسم كل من الهمة و الياس العماري....وغم الاعتراض الذي أبداه المحاوران،إلا أنهما اتفقا،و بشكل غريب، أن "داك الناس كتعرف آش كتدير"....و "أن البلد إن نظرت إليها من الأعلى،من طائرة مثلا، ستجدها أنها تتقدم في اتجاه صحيح".
لن ننظر للبلد من طائرة، بل نستطلعها من ذات الأرض التي تجمعنا،و نلاحظ بالفعل أن المغرب عرف تقدما ملحوظا في بنياته التحتية، في مستوى المعيشة لسكانه بشكل عام، في تحسن معدلات الولوجيات، و في بعض من حريات التعبير التي تسير بشكل متواز ، ليس مع ارادة التحديث الاقتصادي،بل مع التطور المضطرد لوسائل الاتصال العالمية،ما نعيشه مما يسمى هامشا لحرية التعبير هو نتاج لتوسع القرية العالمية ممزوجا بالكثير من دم السبعينات الذي أهرق منذ الاستقلال، و لا علاقة له بمشروع الدولة الديمقراطي الحداثي.
من هذا الموقع الأرضي، تطرح إشكالية التنمية الإقتصادية و الديمقراطية، و التنمية الإقتصادية و العدالة الاجتماعية،فالمشاريع الكبرى،طنجة المتوسط، و مواقع الأفشور، و القطار فائق السرعة، و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تصبح غير ذي معنى إن اقترنت بضرب المنافسة بربط ممارسة الحكم و المساهمة التجارية،و بعدم خلق آليات توزيع عوائد هذه المشاريع على مجموع المواطنين، و عدم تقوية شبكات المساهمة في اتخاذ القرارات، باعتماد انتخابات صورية مؤسسة على أحزاب واهنة و نخب فاسدة.
ربما حان الوقت، او أنه لم يتبق الكثير منه، من أجل احداث رجة تعيد لمسلسل التحديث ، الذي انطلق منذ بداية هذا القرن،نفسه الأولي،عبر مبادرات جريئة ،تجعل الممارسة السياسية عادية،يكون فيها الملك فوق الجميع،فوق السياسة ذاتها، و فوق الاقتصاد أساسا،بتنصيصات دستورية جديدة،و عبر مرحلة انتقالية قوامها التعبئة من أجل اشراك الواطن في اتخاذ القرارات، و تأهيل النخب السياسية كي تضطلع بدورها في تأطير ذات المواطن....
دون ذلك، لا شيء يجعلنا استثناءا في مواجهة هذا القادم الجميل من الأيام....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همس في أذن جثة متعفنة

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الصورة كإنجاز دبلوماسي وسياسي

السفارة في العمارة

الإستخفاف الموجب للمقاطعة

إرهاب العارف....في منع مشارف

بعد رصيف القيامة، قارعة الطريق ، للشاعر عدنان ياسين، تفاعلا مع 20 فبراير