ما فائدة خطاب ثورة الملك والشعب؟

لنتفق بداية أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى61 لثورة الملك والشعب، هو خطاب عادي، لا هو بالتاريخي ولا بالمنعرج الكبير في تاريخ الخطابات الرئاسية ولا فارقة عصماء فيما يمكن أن يقوله أي حاكم عربي.... خلافا لما يمكن أن يطل علينا من صندوق التلفاز ومن تغريدات بعض عميان الأشعة...
الخطاب يقع في 1484 كلمة وبفكرة واحدة، وهي منطقية: الدفاع عن ما تحقق خلال عقد ونصف من تحمل الملك لمسؤولية الحكم....
لكنه خطاب خارج التاريخ، باعتباره يحيد عن مضمون المناسبة، وهي علاقة المغرب باستقلاله، بحركته الوطنية وبالأسرة الملكية التي حكمته بكاملها، أي أنها مناسبة تستغرق الملوك الثلاثة: المرحومان محمد الخامس والحسن الثاني ثم الملك محمد السادس، دون الحديث عن من هم قبل محمد الخامس وعاشوا إبان الحماية والاستعمار....
الملاحظة أعلاه تطرح سؤالا جوهريا حول ضرورة الخطاب في حد ذاته، أولا لانتماء المناسبة لجيل الأعياد المرتبطة  بالتاريخ، ففي عيد الاستقلال مثلا لا يوجه خطاب إلى الأمة مثلا، وثانيا لتقارب مناسبة ثورة الملك والشعب وعيد العرش، وهو المناسبة التي يقدم فيها الملك ما يشبه الحصيلة السنوية لأداءه .... مما يجعل خطاب ثورة الملك والشعب نوع من الاستنزاف غير المجدي....
يصلح خطاب اليوم أن يكون مكملا لخطاب عيد العرش، إذ يطرح بعض الاشكالات التي تفسر تبخر الثروة، عبر عرض المسارات التنموية في قطاعات متعددة....
خطاب حافل بالتناقضات ، وهي تناقضات داخل النص، وتناقضات النص والواقع... إذ يقسم الاقتصادات إلى تنافسية وصاعدة، ويستعرض العديد من الانجازات التي توحي بتصنيف المغرب ضمن الاقتصادات الصاعدة، يسجل بعثرة منطقية، تخلف هذا الاقتصاد فهو يحتاج لبعض الجهود فقط لمواصلة السير بخطى واثقة، للانضمام إلى الدول الصاعدة، ثم وهو إما أن يكون صاعدا وإما أنه سيخلف موعده مع التاريخ... وأخيرا هو، أي الاقتصاد، يسجل، مع الأسف، تأخرا ملحوظا، بسبب تشتث وضعف النسيج الاقتصادي.... ليطرح السؤال : هل الاقتصاد الوطني اقتصاد صاعد أم لا؟ وكيف أن عقد ونصف من التدبير الرشيد لم يمكن هذا الاقتصاد من أن يلحق بركب الهياكل الصاعدة؟
دون ذلك، وبارتباط بالظرفية السياسية، كان ينتظر من الخطاب إخبارا عن انتشار القوات المسلحة الملكية في عدة نقط من سواحل البلد، وحول منشآت استراتيجية، باعتبار الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وباعتبار عدم علم الحكومة الحالية بدواعي هذا الانتشار، حسب تصريح الموظف العمومي المكلف بالاتصال، السيد مصطفى الخلفي....
طبعا يبقى في مجمله إنشاءً حول ما أنجز منذ 15 سنة، دون تدقيق في ارقام هذا الانجاز، ودون تدقيق أيضا في سلبيات ما أنجز، لربما ذلك موكول لتقارير الدولية التي لا تناقشها الخطابات الملكية، والتي تسجل انتكاستنا في ميادين عديدة منها التنافسية والتنمية البشرية....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بؤس الصحافة: سمبريرو العالمي وكاغيد الأحداث المغربية

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الأكراد يرفضون عرض الداعشية العلمانية...

رسالة للصديقة سناء العاجي.....أو حين يزهر شجر اللوز رغم صقيع اللغة

الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة

المعادلة الصعبة