ما كان يجب اعتقال شبيه الملك.....

نحن المغاربة بارعون في تبديد ثرواتنا، خاصة غير المادية منها، والتي طرح الملك بشأنها أسئلة كثيرة في خطابيه الأخيرين.... كان آخر تبديد لها هو مطاردة واعتقال المواطن الشبيه بالملك....
الشبه وحده ثروة لا تقدر بثمن، ولو كانت الدولة والمحيط الملكي يعيان قيمتها لما تم التعامل معها بهذه الصفاقة ولا ما تم اعتقال المعني بالأمر والتشهير به....
كيفما كان الحال، لن يتعدى خداع هذا الشاب للمواطنين دفعهم للاعتقاد بأنه هو الملك، فهو لن يسلبهم أموالهم ولن يضر مصالحهم... فالملك عادة يعطي ولا يأخذ في الشارع وفي الأماكن التي يلتقي فيها بالمواطنين.... سيأخذون معه صورة تذكارية يتباهون بها أمام جيرانهم وعائلاتهم وأصدقائهم، الأكثر ضررا سينتظر ردا على طلب مأذونية أو توظيف في عمل أو إنصاف من مسؤول أو قاضي.... وهو انتظار مقبول، خاصة أن المحيط الملكي، بالنظر إلى تعدد لقاءات الملك بالمواطنين، لم يعد يلبي كل الطلبات، بل الدولة بنفسها أحجمت على توظيف الشباب الحاملين للرسائل الملكية ودفعت هؤلاء إلى خلق أغرب مجموعة احتجاجية في المعمور، تطلق على نفسها : جمعية المعطلين، فرع حملة الرسائل الملكية، وهي تصطف بجانب فرقة حملة الشهادات العليا، وخريجي التكوين المهني والأطباء والمهندسين وغيرهم، وتضم كل هؤلاء بالاضافة إلى الجزارين والحدادين والمشتغلين حراس برؤوس الدرب ومجموع السمايرية في البلاد كلها....
في مقابلة هذا الضرر الطفيف لهذا التشابه، وطبعا دون الدخول في أسبابه وطرق تكوينه، لأن هذا الدخول محفوف بالمخاطر والأسئلة التي يعتبر طرحها جرما أكبر من عملية النصب هذه... في مقابلة هذا الضرر، كان يمكن احتضان هذا الشبه واستغلاله كرافعة للتنمية باعتباره رأسمال غير مادي ذا قيمة عالية...
الجميع أصبح يعي، بعد مرور عقد ونصف من العهد الجديد، أن قدوم الملك إلى أي ركن من أركان هذا الوطن، تستتبعه حركة اقتصادية وديناميكية اجتماعية متسارعة في أداءها: تنبت الأشجار، وتشتعل المصابيح التي كانت مطفئة على مدار السنة، وتصبغ الطوارات، وينخفض ثمن اللحم عند الجزارين، وتتخلى الطماطم عن بعض الدريهمات في ثمنها وتنظم حركة المرور بقدرة قادر، فلا تجد انحباسا في الطرق ولا تعلو أبواق السيارات وفي كل مدار ينبت شرطيان ذكران، وشرطية أنثى، وعميد بفراشتين على كتفه... كل هذه الحركية تكون نتيجة فقط خبر وصول الملك إلى منطقة ما، وليس بالضرورة أن يكون هذا الوصول مرتبطا بممارسة فعلية لشؤون التدبير والتسيير...
كان يمكن استغلال هذا الشبه في مثل هذه الاستنفارات، عبر تحركه الستاتيكي، دون أن ينبس بكلمة أو يكلم مسؤول، يمنح سيارة تابعة للقصر يقودها، وأخرى تتبعه كما يفعل الحرس الرسمي للملك، ثم يتجول في الأحياء الشعبية لخريبكة أو الخميسات أو سبت كزولة، لتنظف شوارع هذه المدن وتصبغ طواراتها وتختفي دورها الصفيحية ....
طبعا سيكون لذلك بعض الأثار الجانبية السلبية، لعل اكثرها شيوعا هو عناوين الصحف الورقية والالكترونية وهي تكتب بالبنط العريض: الملك يتجول بسيارته وحيدا في حي سيدي غريب بالخميسات.... في انتظار ايجاد شبه لصديق دراسته كي يتحول العنوان: الملك يقود سيارته رفقة صديق دراسته فؤاد علي الهمة في حي البرانس بطنجة.....
سينظف حي البرانس وسيدي غريب، دون أن يقرأ المغاربة هذه العناوين.... 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بؤس الصحافة: سمبريرو العالمي وكاغيد الأحداث المغربية

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الأكراد يرفضون عرض الداعشية العلمانية...

رسالة للصديقة سناء العاجي.....أو حين يزهر شجر اللوز رغم صقيع اللغة

الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة

المعادلة الصعبة