الانتشار العسكري والتقلص المدني
استأثر نشر مدفعيات وبطاريات مضادة للطائرات ووحدات عسكرية في سواحل الدارالبيضاء والمحمدية وحول بعض السدود في الجهة الشرقية من البلاد الكثير من الاهتمام من طرف المواطنين، وربطت الأخبار حول هذا الانتشار بينه وبين احتمال تعرض المغرب لهجمات ارهابية خاصة بعد تعميم احد مراكز الاستشعار الأوروبي لمذكرة تفيد اختطاف مجموعة ارهابية لما يزيد عن عشر طائرات حربية ليبية وتهديدها بضرب دول يوجد المغرب من ضمنها....
على عكس ما تمارسه وزارة الداخلية حين تفكيكها للمجموعات الارهابية، لم يصدر عن القوات المسلحة الملكية أي بيان توضيحي لطبيعة انتشار قواتها وسط جموع المدنيين وهو ما يؤشر على قراءة خاصة للتعاطي مع الأوضاع الأمنية داخل كتلة الدولة برمتها...
فالداخلية رغم انفصالها البين عن الحكومة شبه المنتخبة، ورغم اشتغالها خارج دائرة مسؤولية الموظف العمومي الكبير، السيد رئيس الحكومة، إلا أنها تحافظ على الحد الأدنى من الظهور الدستوري اللائق.... تحضر اجتماعات المجالس الحكومية، وتصدر البيانات للرأي العام، وتشرك الوزراء في هجومها على الجزائر كما حدث مؤخرا في الندوة الصحفية التي عقدها وزير الداخلية بحضور وزير الاتصال والوزير المنتدب لدى وزارته...
القوات المسلحة، بصمتها حول أول وأكبر عملية انتشار بين المدنيين، والموجهة إلى تهديدات خارجية منذ الاستقلال- على اعتبار أنه سبق للجيش أن انتشر وسط السكان خلال قمعه للانتفاضات شعبية في بداية الثامنيات والتسعينات- تكون قد مارست تلك القطيعة البنيوية لهياكلها عن التدبير الحكومي المنتخب، ورسخت فكرة ارتباط الجيش بالموسسة الملكية وحدها، على اعتبار أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وأن تدبير أمورها لا علاقة له ببنكيران ولا بالبرلمان ....
طبعا وضع مثل هذا فيه الكثير من الالتباس، دون الحديث عن الخروقات الدستورية الكبيرة، والتي أقلها ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهنا تطرح علامات الاستفهام عن من المسؤول عن ترويع جموع المواطنين بهذا الانتشار، دون أن يشرح لهم سببه ولا دواعيه، وما هي الأخطار المحذقة به، ناهيك عن المسؤولية عن نفقات هذا الانتشار ومراقبة فعاليتها ونجاعتها بالنظر إلى الأخطار الحقيقية المحدقة بالبلد....
قد لا يكون هذا الانتشار عبثيا، وقد تكون هناك بالفعل ما يهدد سلامة الوطن، ولا يمكن سوى تحية الجيش الوطني وشد عضده في حماية هذا البلد، لكن هذا لا يمنع من ضرورة اشراك المواطن في هذه التعبئة عبر الإخبار وعبر التوعية... دون أن نغفل جانب سوء النية الذي تربينا عليه في علاقتنا بالدولة، واعتبار أن جزء من هذا الانتشار يتغيي رسالة نحو الداخل المدني، والذي يستشعر سخونة أوضاعه وهشاشتها، مع ما صاحبها من نكوص عن هوامش الحريات التي تحققت في العقد ونصف الأخير، وهي رسالة تذكر باحتياط الجيش الذي تملكه الدولة في مواجهة أي مطالب مدنية.... وهي على أي حال رسالة سيئة تستلزم فتح النقاش المسكوت عنه حول المؤسسة العسكرية وأدوارها وعلاقتها في وبالحقل السياسي... فقط لنتذكر أنه عقب الانقلابين، وجه الملك الراحل الجيش نحو تكديس الاموال والابتعاد عن السياسة، ولنتذكر أنه في العهد الجديد، انتفضت الدولة لأن أحد الثورجيين تجرأ على الجنرال البناني عبدالعزيز في مستشفى بفرنسا رغم أن هذا الجنرال ورد اسمه في احدى كابلات ويكيليكس... بل كانت قمة حرص الدولة على احتضان المؤسسة العسكرية أن تمت تسمية أحد أفواج الخرجين العسكريين باسم فوج عبدالعزيز البناني....
على أي نتمنى أن تكون البطاريات المضادة للصواريخ موجهة بالفعل إلى العدو الخارجي.... نتمنى سلاما مدنيا وعسكريا لهذا البلد.... ونتمنى أكثر أن يعي المسؤولون أننا نعيش جميعا على رقعة هذه الأرض، وواجب عليهم إخبارنا بما يخربقون فوقها.....
على عكس ما تمارسه وزارة الداخلية حين تفكيكها للمجموعات الارهابية، لم يصدر عن القوات المسلحة الملكية أي بيان توضيحي لطبيعة انتشار قواتها وسط جموع المدنيين وهو ما يؤشر على قراءة خاصة للتعاطي مع الأوضاع الأمنية داخل كتلة الدولة برمتها...
فالداخلية رغم انفصالها البين عن الحكومة شبه المنتخبة، ورغم اشتغالها خارج دائرة مسؤولية الموظف العمومي الكبير، السيد رئيس الحكومة، إلا أنها تحافظ على الحد الأدنى من الظهور الدستوري اللائق.... تحضر اجتماعات المجالس الحكومية، وتصدر البيانات للرأي العام، وتشرك الوزراء في هجومها على الجزائر كما حدث مؤخرا في الندوة الصحفية التي عقدها وزير الداخلية بحضور وزير الاتصال والوزير المنتدب لدى وزارته...
القوات المسلحة، بصمتها حول أول وأكبر عملية انتشار بين المدنيين، والموجهة إلى تهديدات خارجية منذ الاستقلال- على اعتبار أنه سبق للجيش أن انتشر وسط السكان خلال قمعه للانتفاضات شعبية في بداية الثامنيات والتسعينات- تكون قد مارست تلك القطيعة البنيوية لهياكلها عن التدبير الحكومي المنتخب، ورسخت فكرة ارتباط الجيش بالموسسة الملكية وحدها، على اعتبار أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وأن تدبير أمورها لا علاقة له ببنكيران ولا بالبرلمان ....
طبعا وضع مثل هذا فيه الكثير من الالتباس، دون الحديث عن الخروقات الدستورية الكبيرة، والتي أقلها ربط المسؤولية بالمحاسبة، وهنا تطرح علامات الاستفهام عن من المسؤول عن ترويع جموع المواطنين بهذا الانتشار، دون أن يشرح لهم سببه ولا دواعيه، وما هي الأخطار المحذقة به، ناهيك عن المسؤولية عن نفقات هذا الانتشار ومراقبة فعاليتها ونجاعتها بالنظر إلى الأخطار الحقيقية المحدقة بالبلد....
قد لا يكون هذا الانتشار عبثيا، وقد تكون هناك بالفعل ما يهدد سلامة الوطن، ولا يمكن سوى تحية الجيش الوطني وشد عضده في حماية هذا البلد، لكن هذا لا يمنع من ضرورة اشراك المواطن في هذه التعبئة عبر الإخبار وعبر التوعية... دون أن نغفل جانب سوء النية الذي تربينا عليه في علاقتنا بالدولة، واعتبار أن جزء من هذا الانتشار يتغيي رسالة نحو الداخل المدني، والذي يستشعر سخونة أوضاعه وهشاشتها، مع ما صاحبها من نكوص عن هوامش الحريات التي تحققت في العقد ونصف الأخير، وهي رسالة تذكر باحتياط الجيش الذي تملكه الدولة في مواجهة أي مطالب مدنية.... وهي على أي حال رسالة سيئة تستلزم فتح النقاش المسكوت عنه حول المؤسسة العسكرية وأدوارها وعلاقتها في وبالحقل السياسي... فقط لنتذكر أنه عقب الانقلابين، وجه الملك الراحل الجيش نحو تكديس الاموال والابتعاد عن السياسة، ولنتذكر أنه في العهد الجديد، انتفضت الدولة لأن أحد الثورجيين تجرأ على الجنرال البناني عبدالعزيز في مستشفى بفرنسا رغم أن هذا الجنرال ورد اسمه في احدى كابلات ويكيليكس... بل كانت قمة حرص الدولة على احتضان المؤسسة العسكرية أن تمت تسمية أحد أفواج الخرجين العسكريين باسم فوج عبدالعزيز البناني....
على أي نتمنى أن تكون البطاريات المضادة للصواريخ موجهة بالفعل إلى العدو الخارجي.... نتمنى سلاما مدنيا وعسكريا لهذا البلد.... ونتمنى أكثر أن يعي المسؤولون أننا نعيش جميعا على رقعة هذه الأرض، وواجب عليهم إخبارنا بما يخربقون فوقها.....
تعليقات
إرسال تعليق