للأسف لن نستطيع ذلك.....we can't do it
منذ فرار سيئ العابدين،على ذكر الكاتب إدريس بوزيد،و تمكن الشارع التونسي من فتح بوتقة الحرية على مصراعيها،بل و إصرار هذا الشعب على الذود عن ثورته الصغيرة، بمطالبته المستميتة برحيل رموز النظام السابق،منذ ذلك الحين و الحديث عن عدوى ثورة الياسمين تنتقل بين الألسن،عدوى من المفروض أن تصيب جيرانها الأقربين، ليبيا و الجزائر ثم المغرب، و بعدها مصر و بقية الدول العربية.....
ما أصاب الجزائر مؤخرا لا يمكن تصنيفه ضمن العدوى،بقدر ما هو تفجير لاحتقان ضمن صيرورة التفاعل بين متناقضات المجتمع، و التي يجيد تدبيرها نظام شبه عسكري بالجزائر،إذ أن السيولة المالية التي يوفرها له احتكاره لتوزيع مخزون الغاز و البترول، كفيلة بامتصاص الغضب و تنفيس هذا الاحتقان.
نفس التحليل يستقيم و الوضع في ليبيا، و الذي صادفت فيه ثورة تونس الاحتجاجات التي خاضها جنوبيون في ليبيا للمطالبة بحقهم في السكن،و احتلالهم لمساكن تشرف الدولة على إنجازها.تسوية هذا الوضع و الانتقادات التي وجهها نجل الزعيم لمؤسسة الجيش، مكنت، نسبيا، من احتواء الوضع.
بالأردن و سوريا، أقدمت الدولة على تخصيص ميزانيات إضافية لبعض الفئات الشعبية،كالزيادة في الرواتب، و دعم بعض الاحتياجات،سلع أساسية في الأردن ، و منحة التدفئة في سوريا.
لا بد من الإشارة أن المجتمع التونسي قطع أشواطا كبيرة على درب محاربة الأمية و التثقيف بشكل عام،مما يجعل الوعي العام الشعبي يربط جيدا ما بين مطالب اجتماعية صرفة، و ارتهانها لمطلب سياسي متمثل في تصريف شؤون الشعب بشكل ديمقراطي،و هي حركات كانت تمور بأحشاء هذا المجتمع منذ عقود، و لم تكن تنتظر سوى تلك الشرارة التي تقطع مع عهد الخوف و تكسر شوكة النظام البوليسي المتحكم في رقاب المواطنين.
في الدول المجاورة، و منها المغرب،سيكون مستبعدا إعادة نفس السيناريو، ليس لأن عوامله الاجتماعية غير متوفرة، بقدر ما أن حامله، و هو المجتمع لم تتوفر فيه بعد شروط إنجاح العملية الاحتجاجية، من شكلها الاجتماعي لجوهرها السياسي...بل إن النظام السياسي المغربي، و الذي رسخ منذ ما يزيد عن العقد، ثنائية التسيير،سيستفيد من هذا الغموض الذي يكتنف المشهد السياسي برمته،فهو البلد الوحيد الذي تسيره حكومة صاحب الجلالة،يبادر فيها الملك لإنجاز كل ما هو إيجابي،من تدشين لمشاريع التنمية و مساعدة الفقراء و نصرة المظلومين، و تستقبل فيه حكومته احتجاجات المعطلين، و إضرابات العمال و الموظفين، و معارضة البرلمانيين و المستشارين، و انتقادات الإعلاميين....حتى أن الأكثر تشاؤما، و هم يعتقدون بإمكانية تكرار ما حدث في تونس بالمغرب، رسموا سيناريوهات لهروب عباس الفاسي و عائلته،على غرار هروب بنعلي و عائلته، و إن كانت المقارنة في هذا المضمار لا تستقيم.....
لم تكن الثورة في يوم ما عالمية،فهي محلية حد الشوفينية، و ما وقع في تونس، هو ذو خصوصية تونسية محضة، و لا مجال لتكرارها بأي بلد من البلدان،ذات البلدان التي قد تعرف تحولات، و بآفاق ديمقراطية كذلك، لكن وفق صيغ محلية،قد تكون أكثر دموية من ثورة الياسمين، و قد تكون أكثر نعومة كالياسمين أيضا....
تعليقات
إرسال تعليق