حقيقة القرار الأوروبي....و قرار الحقيقة المغربي
منذ يومين،صدر عن البرلمان الأوروبي قرارا حول أحداث مدينة العيون الأليمة،و منذ يومين، و انا ابحث عن موقع المغرب من هذا القرار،هل هو قرار ضد المغرب و سيادته كما أوضحت جريدة الأحداث المغربية في عددها الصادر أمس 25 نونبر، أم أن القرار وجه صفعة قوية للبوليساريو و الجزائر كما تقر بذلك جريدة المساء ، أم أن القرار هو فشل لخصوم الوحدة الترابية في تمرير تصورهم داخل البرلمان الأوروبي كما تدعي جريدة الإتحاد الاشتراكي في عدد نفس اليوم،أم أن القرار شيء آخر، لا ما ذكرته الجرائد السالفة الذكر و مثيلاتها التي تعج بها الأسواق،و لا ما ذكرته الصحافة المرئية و المسموعة ، و التي عملت على شجب القرار و استنكاره و تحميل الحزب الشعبي الإسباني وزر ولادته و المصادقة عليه من طرف البرلمان الأوروبي.
غريب هذا التخندق،بإسم الاجماع و الوطنية العالية،في صف اللا عقل و العبث،خاصة من طرف قوى،سياسية و مدنية و إعلامية،إذ إن كان للجهات الرسمية عذر في التحايل و الكذب على مجموع الشعب، لما لها من أدوار تاريخية و آنية في التدبير السيء لملف الصحراء،فإنه لا عذر لهذه القوى في اللجوء لذات الكذب و ذات الحيل، و هي التي إكتوت بنار التهميش و الاقصاء من تدبير هذا الملف منذ ولادته إلى يومنا هذا،خاصة في ضل سماء اعلامية مفتوحة عن آخرها، و مصادر اعلامية جد متوفرة.
ما تضمنه القرار لم يتم التطرق له في توصيفه من طرف الجهات الرسمية أو الاعلامية التي تخندقت لجانب الدولة،خاصة ما يهم الحديث عن إرساء آليات أممية لمراقبة احترام حقوق الانسان، و التأكيد على أن الأمم المتحدة هي الجهة المخولة الوحيدة للبحث و التقصي فيما وقع من أحداث،مستصغرا بذلك المبادرة المغربية السريعة و المرتجلة بإنشاء لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في مدينة العيون.
النقطة الخطيرة التي يمكن أن تكون أوجعت الجهات الرسمية، و قد تكون لها بالفعل آثار جد وخيمة على الاقتصاد الوطني،هي مطالبة البرلمان الأوروبي المنتظم الدولي ، بإخضاع ثروات الصحراء المغربية لمقتضيات القانون الدولي المتعلق بتدبير ثروات المناطق التي لا زالت خاضعة للإستعمار.
بالاضافة لكل هذا،يبقى من اكبر اشكال الاستغفال التي تمارس ضد المواطنين،هو تعليق اسباب القرار على العداء المفترض الذي يمكن أن يكنه حزب الشعب اليميني الاسباني للمغرب قاطبة،مع العلم ان إسبانيا برمتها لا تملك سوى 54 برلمانيا من مجموع 754 عضو في البرلمان الأوروبي،اي ما يقارب فقط 7،20 بالمائة و ضمن هؤلاء الاعضاء الإسبان لن يمثل أعضاء حزب الشعب الأغلبية لأنه لا يمتلكها في إسبانيا،فهل اعضاء البرلمان الآخرون هم إلى جانب المغرب، و كيف يتمظهر هذا الدعم؟؟؟ و هل توجيه النقد لحزب صغير بالمنضومة الأوروبية ليس مدعاة سخرية و استهزاء بنا؟؟؟
تزامن كل هذا، و للأسف الشديد ، و صدور تقرير منظمة هيمن رايت ووتش الذي يسرد تفاصيل كثيرة حول تعرض مواطنين صحراويين للتعنيف في مخافر الشرطة و الدرك بمدينة العيون، بالإضافة للتعنيف الذي تعرض له منسق المنظمة بالمدينة،و ذلك ايام قليلة بعد تفكيك مخيم أكديم ازيك، و تسجيل تصريح إيجابي لذات المنظمة التي أكدت الطابع السلمي للقوات المستعملة في تفكيك المخيم، و تاكيدها على عدد الضحايا التي صرحت بها الجهات الرسمية،إلا أن هذه الأخيرة لم تستثمر هذا التصريح و اعادت العقارب لساعة الصفر في موقف هذه المنظمة من السلطات الرسميية.
لربما كان غياب الحقيقة هو العيب الظاهر و الخفي في تدبير هذا الملف،في الماضي و الحاضر و الأكيد، إن سارت المور على ما هي عليه، سيضل نفس العيب في المستقبل.....
تعليقات
إرسال تعليق