مسيرة من و لأجل ماذا؟
إنتهت المسيرة التي نظمت في الدارالبيضاء،والتي لا زالت الجهة التي دعت إليها موضوع تساءل،هل هي الأحزاب السياسية المشكلة للإئتلاف الحكومي؟أم أحزاب المعارضة؟ هل هي الدولة،بالشكل الذي تم إفرازه عبر سيرورة الحكم منذ ما يزيد عن عشر سنوات،أي حكومة الظل الفعلية بقيادة الملك و المربع المتكون من بعض أصدقاءه و بعض رجالات المخزن التي تتداخل اختصاصاتهم و اختصاصات الحكومة الرسمية و اختصاصات بعض الطيف الحزبي؟أليس حزب الأصالة و المعاصرة هو من دعى لهذه المسيرة؟و هل كانت الدولة بكل تفرعاتها،إدارة ترابية،جماعات محلية،أجهزة أمنية و شبكات العلاقات المالية و الاقتصادية،ستنزل بكل ثقلها لحشد ملايين من المواطنين،و عدد جد هام من اللوجستيك لو كان الداعي لهذه المبادرة حزب من الأحزاب التي شاخت على حد تعبير الوافدين المحدثين الجدد؟إن كان الأمر كذلك،لماذا تم إسناد رئاسة التنسيق لحزب الإتحاد الاشتراكي في شخص الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان،السيد إدريس الشكر؟أليس الأمر من أجل ضمان مشاركة الجميع،القوى الاسلامية التي بدأت تستلطف الاتحاد الاشتراكي بعد الهجوم الشرس الذي تعرضت له من طرف الأصالة و المعاصرة،و الأحزاب التي سمحت للإعلام بوصفها بالأحزاب الصغيرة الغير ممثلة في البرلمان؟
سيقول البعض أن للقضية الوطنية طابع خاص،و أنها من المقدسات،و الالتفاف حولها إجماعا يلغي كل التناقضات،العمرية اذ يلتف حولها الصغير و الكبير،و الاجتماعية إذ تجذب الأجير و رب العمل،و هذه كلها أقوال مردودة على أصحابها ، فالقضية في حد ذاتها غير مقدسة،لأن المقدس الوحيد بنص الدين هو الله و بنص الدستور هو الملك،و إضفاء طابع القدسية على النزاع حول قضية الصحراء المغربية يجعل من مسار حلها عبر المفاوضات في إطار المنتظم الدولي نوعا من استبلاد هذا المنتظم،و شكل من أشكال الضحك على ذقون المغاربة الذين لا يعوزهم الذكاء،فالمقدس لا يُتَفاوض حوله.
إذن فالإستجابة لنداء المسيرة بكثافة هو نتيجة مرتبطة بالجهة الفعلية التي نادت لتنظيمها...فما هي أهدافها و هل حققتها؟
الهدف المعلن للمسيرة هو التنديد بالسياسة التي انتهجها حزب الشعبي الاسباني ضد المغرب،و التي توجها بتوجيه تحالف الاحزاب الشعبية الممثلة في البرلمان الأوروبي الذي عمل على استصدار قرار حول أحداث العيون الأليمة بما يتناقض و رغبة المغرب،هذا الهدف ،نأسف أنه بالتمعن فيه جيدا،لا يمكن إلا أن يكون بليدا،و ربما يخدم أجندة هذا الحزب في أفقه الانتخابي،لإنه أولا حزب في المعارضة، ثانيا مكونا من فئة من الشعب الإسباني،و الذي يعرف جيدا هذا الشعب،يعي جيدا نزعة التضامن بين أفراده ضد الاستعداءات الأجنبية،مثله مثل كل شعوب البحر الأبيض المتوسط،فهل يعتقد مسطروا هذا الهدف أن فئات الشعب الإسباني الغير منخرطة في الحزب الشعبي ستتضامن مع المغرب في قضيته العادلة ضد أبناء جلدتها؟
نفس البلادة تكتنف هدف التنديد بقرار البرلمان الأوروبي،لأنه ببساطة،حين يصبح قرارا برلمانيا أوروبيا،فهو قرارا لشعوب الدول الأوروبية برمتها و التنديد به هو استعداء لهذه الشعوب،و ليس قرارا لكتلة الأحزاب الشعبية الأروبية، بما فيها الحزب الشعبي الإسباني.
الهدف من المسيرة كان تحوير الضغط الممارس على الدولة،بإعتبارها المسؤولة الوحيدة و المتفردة بملف القضية الوطنية،و تصريف الغضب الشعبي في اتجاه آخر لا يصيبها بشظاياها،خاصة أن القادم من الأيام حافل بمفاجآة أخرى،فالبرلمان الإسباني يستعد لإصدار قرار مماثل للبرلمان الأوروبي، و المغرب على موعد في الثالث عشر من دجنبر ، مع إجتماع للجنة الأوروبية المغربية الخاصة بما سمي الوضع المتقدم، كي يعطي شروحاته حول الاحداث في مدينة العيون،في ضل أجواء ليست بالضرورة في مصلحة المغرب،سمتها منع الصحفيين من الدخول لمدينة العيون، و تقرير هيومن واتش رايت ،الذي يدين رجال الأمن و الدرك بممارسة التعذيب ضد المعتقلين على خلفية أحداث العيون.
هل حققت المسيرة هدفها؟؟ ربما داخليا قد تكون الإجابة بنعم،لكن على المستوى الدولي،نعتقد أن المسيرة لم يكن لها إشعاع في وسائل الإعلام لا العربية و لا الأوروبية،غياب الإشعاع ناتج ربما عن ممارسة عقابية لهذه الوسائل ضد الدولة في المغرب،فالجزيرة لم تتطرق للمسيرة و لو بخبر صغير في شريطها المستمر اسفل الشاشة، و القنوات الاسبانية فعلت ذات الأمر تضامن مع منع صحفييها من تغطية الأحداث بالعيون،و هو ما يجب أن يدفع المسؤولين بالتفكير ألف مرة قبل الإقدام على قرار اتجاه صحافة هي بالتعريف و الضرورة سلطة.
دون الإعلام، هناك قنوات دبلوماسية لتقييم نجاح أو فشل المسيرة،و هي قنوات ذات تأثير في قرارات بلدانها اتجاه المغرب،قد نلمس ذلك في القادم من الأيام.....
تعليقات
إرسال تعليق