في العيون .....يهطل المطر كذلك.
لنترك جانبا الإعلام الاسباني،و البرلمان الأوروبي،و جريدة الشروق الجزائرية و جنرالات الحرب في قصر المرادية،و لنترك البوليساريو سواء القابع هناك في المناطق التي لم يحررها المغرب بعد أو الذي يتجلى في بعض المواطنين الذين يناصرون طرحه في العيون و أحوازها...لنترك كل ذلك جانبا.
سنحاول النظر للنصف المملوء من الكأس،و سنحاول أن نتفق مع الذين يمسكون زمام الأمور في تدبير ملفات الوطن ،لأن عكس ذلك، أي عدم الاتفاق لا يجدي شيء،فصراخنا يصلح فقط لتأثيث فضاء حرية التعبير،إذ لا يتوانون عن الإدلاء بالآراء المعارضة ليبرهنوا على التطور الحاصل في مجال الحريات،و يمارسوا بعد ذلك ما يشاءون.
النظر لهذا النصف من الكأس المملوء،يستلزم منا التسليم بأن ما وقع في مدينة العيون كان مخططا له من طرف أعداء الوحدة الترابية،وأن الذين أطروا المخيم و الذين هاجموا قوات الأمن هم غير الصحراويين المنتمين للصحراء المغربية، بل مندسون بيننا ،و أن عملية تفكيك المخيم تمت في ظروف أمنية و تقنية بالغة الدقة و باحترام كبير لمقتضيات حقوق الإنسان و غيرها من المواثيق الدولية،ثم أن تصرف الإعلام الاسباني هو تصرف عدائي يخدم الأجندة التوسعية للجارة الجزائرية، و الأجندة الانتخابية للحزب الشعبي الاسباني،و كذلك هي مواقف البرلمان الأوروبي و غيرها.
النظر لهذا النصف المملوء من الكأس يستلزم منا أيضا التسليم بأن المسيرة المليونية التي نظمت في الدار البيضاء ذات أحد 28 نونبر 2010 هي تلبية لنداء الوطن ضد أعداء الوحدة الترابية،و أنها ضد مناوشات الحزب الشعبي الاسباني ضد سيادة المغرب و رموزه،و أن الذي نضمها هي القوى السياسية الوطنية بهذا البلد، من أقصى اليمين لليسار القصي،و أنه حين يكون خلف أي نداء،مصلحة الوطن،تختفي الفوارق الاجتماعية و البشرية و الجنسية و الدينية،فتلتحم الأجساد و الأرواح و العقائد و الملل و النحل لتدافع عن الوطن.....
أسيدي نحن متفقون....و لو أنه ليس لاتفاقنا جدوى...فماذا بعد؟؟
عدا التغير الذي حصل في رأس الإدارة الترابية في ولاية العيون، بتعيين السيد الدخيل وال على الجهة،لم ينقل لنا الإعلام السمعي البصري أحوال المدينة منذ الاثنين الأسود،لا خبر عن المدينة و سكانها،عن المصابين و استشفائهم، عن المباني التي أحرقت و إعادة بناءها،عن الأطفال و مدارسهم، و عن النساء التي لم تصب في الأحداث و ابتهجت بحماية قوات الأمن لها،عن المواطنين الصحراويين المتشبثين بمغربيتهم و عن الفقراء الذين اعتصموا في المخيم السيئ الذكر احتجاجا على فقهرهم و بؤسهم، و كيف أن الدولة استفاقت من سباتها و هي بصدد التخفيف من معاناتهم,
تصفحت معظم صفحات الجرائد التي تنشر في هذه البلاد،مبتلة كلها بما أصاب البلاد من مطر،مراسلات من كل جهات الوطن،إلا الصحراء،التي تقبع في صفحات الرأي مصلوبة على خشب التحاليل، و كأنه ليس بالجهة أخبار و لا أحداث،لا جرائم حق عام، و لا احتفالات و لا مطر يغرق بنايات....غياب لا يفسر سوى بالحصار المضروب على الصحافة المكتوبة، و يبقى السؤال إن كان حصارا ذاتيا أم سلطويا.
و نعرج على المسيرة المليونية،التي لا تحفظ على حجمها و ربما ضرورتها السيكولوجية،بقدر ما كان التحفظ حول شكل الإعداد لها و الجهة،أو الجهات التي كانت وراءها،و نطرح السؤال:ماذا بعد المسيرة؟؟
أليس من المنطقي التفكير في استثمار هذا الزخم الني تم حشده في بناء الذات المواطنة؟ ألم يكن من الأجدر بالقوى السياسية أن تجعل من المسيرة نقطة ارتكاز و نقطة انطلاق لمصالحة المواطن،المعبأ ضمنيا بهذه الشحنة الزائدة من المواطنة، و ذلك من أجل مصالحته مع ممارسة السياسة من جهة، و تأطيره في اتجاه يجنبه السقوط في الشوفينية المميتة؟؟
المسيرة نظمت على عجل،لكن ما بعد المسيرة هو تأن و روية و تفكير،فلازال المجال و لا زالت تلك الشحنة من التعبئة تلقي بضلالها على الطيف السياسي،و لا زال متسع من الوقت كي تدعو القوى،التي يزعم أنها كانت وراء المسيرة،بأن تفتح نقاشا عموميا حول الوطن و حول دور المواطن .
دون ذلك....في العيون يهطل ربما المطر.
تعليقات
إرسال تعليق