هلوسات مواطن مصاب بحمى ويكيلكس
لم يسبق لي أن تحدثت مع السفير الأمريكي،كنت أحسب أنه شرف لم يحصل لي...و كنت أضع إسمه في أجندتي الشخصية، كي أنتهز جمعا عموميا، أو تقاطعا في طريق عام ، كي ألقي عليه التحية،فقط التحية، لأنها ربما الجملة الوحيدة التي قد لا أتيه عنها باللغة الأنجليزية...
حين إنفجر بركان ويكيلكس، حمدت الله على عدم مصادفتي لأحد السفراء الأمريكين ببلدنا،فالحيطة واجبة اتجاه هؤلاء النمامين الذين يدونون كل شاذة و فاذة في شغلهم اليومي، و يرسلونه لإدارتهم في نيويورك...و حمدت الله انه لن يوجد ضمن المائتين و خمسين ألف رسالة المسربة ما يفيد أنني صرحت به لسفير أمريكي....و إلا كان الأمر سيكون سيئا.....لأنه في حضرة ممثل أكبر ديمقراطية في العالم، و أكبر قوة إقتصادية، كان يمكن التصريح بكل هذا النتوء الذي يرصع جسد وطن مثل المغرب...
بالمقابل ، قابلت في حياتي أناسا ممن يوصفون بالشخصيات العمومية،و ممن يحتمل أن السفير الأميركي إختلى بهم في حديث ، يبدوا ظاهره ودي، و باطنه استخباراتي،و قد يكونون قد صرحوا بما قد يساءلون عنه في مسارهم السياسي،لكنني شبه متيقن انهم لن يتطرقوا لإسمي في حديثهم و السفير الأمريكي،و لا في أي حديث آخر، خاصة و أن علاقتي بهم لم تكن تتجاوز تبادل التحية،معتقدا أنهم يعرفونني و متأكدين هم أنني أعرفهم لوجاهتهم و شهرتهم.....يقين جعلني مطمئن بأن إسمي أو بعض مما أصرح به في خلوتي الطبيعية أو الفكرية، لن يجد طريقه لموقع ويكيلكس.
لكن ماذا كنت ساصرح به للسيد السفير، لو قدر لي أن أتحدث إليه و كان سيكون موضع تسريب وكليكسي؟كنت سالتمس منه "كارد كرين" أولا،في محاولة لتسلل للجنسية الأمريكية، بما توفره من كرامة و حقوق لحاميليها،مع سابق العلم بأنه لن يستطيع منحها إياي، لسبب بسيط أن سفراء أمريكا لا يشتغلون سوى سفراء،ليس مثل الذين إبتلينا بهم نحن، ما أن تلج سفارتهم حتى يعرضون عليك مؤشر نفوذهم في أوطانهم، لأنهم سفراء أولا و أبناء ذوات ثانيا...فيعرضون عليك الاستفادة من البقع الأرضية و تراخيص البناء و المقالع و الوساطة لدى المسؤولين من أجل ضمان صعود إجتماعي و غيرها من الخدمات التي لا تدخل في خانة الدبلوماسية لا من بعيد و لا من قريب...
كان السفير سيكتب في حاسوبه أن المواطن طلب كارد كرين،و قد أحلته على الجهات المختصة....
غير هذا الطلب،و نزولا عند رغبة جناب السفير، و جوابا على سؤاله كيف أرى الوطن،أو ما الرأي في الأصالة و المعاصرة؟ و في جماعة العدل و الإحسان؟ و في الملكية؟ و في السيد عباس الفاسي؟ و في جريدة المساء؟ و في قضية الصحراء؟ و في محاكمة التامك؟ و في قضية مصطفى سلمى ولد مولود؟ و في قضية جعفر حسون؟ و فيما أصبح يعرف بقضية زنوبة؟ ....كنت سأبسط ما أعرفه و ما لا أعرفه....و كان السفير سيدون أجوبتي و يرسلها في حزمته الرقمية، و يحصل عليها ويكيلكس و يسربها.....الأمر حقا مرعب....و الحال يدفعني للحمد و الشكر أن لقاء من هذا لم يحصل...
إطمئنان لا يعكر راحته سوى تخوف من وجود جهات أخرى تدون ما نصدح به في جلساتنا الخاصة،و تخزنها في حواسبها الضخمة، كي يأتي يوم حفيد لوكيليكس و يسربها و ينشر غسيلنا على حبال الرأي العام الوطني و الدولي،فاقفلوا أفواهكم وا بلعوا ألسنتكم.
تعليقات
إرسال تعليق