وكيليكس مغربي

كنت أعتقد أن ما هو منشور على موقع وكيليكس بعيد المنال،و كنت أكتفي بمتابعة ما يدور فيه و حوله عبر الجرائد الوطنية الورقية و بعض المواقع الرقمية،إلى أن استبدت بي قليل من الشجاعة و خضت غمار التنقيب عن هذه النزلة الإعلامية في الشبكة العنكبوتية.
الأمر سهل للغاية،فإلى حدود الأمس،كان الموقع متاحا على المضمار السويسري،يضع تقديما لما يتضمنه بلغات عديدة، منها العربية التي يُنقر علي رابطها، فتفيده نقرته أن صفحة العربية غير موجودة، ربما لوعي صاحب الموقع أن المواطنين العرب غير معنيين بفضائح حكامهم،لأن فضائح هؤلاء في تفوق بكثير ما يمكن نشره على الموقع المعلوم.
الأمر سهل للغاية، لأنه و حتى في غياب التمكن من اللغة الانجليزية،التي هي لغة كتابة المراسلات، فتكفيك عملية قطع و لصق النص المراد قراءته، لتحوله إلى مترجم افتراضي، و السيد غوغل يقوم بهذه المهمة أحسن قيام، لتتمكن من قراءة محتوى المراسلات...
بعد كل هذا ستكتشف أن المنشور في وثائق ويكيليكس ليس بالفظاعة الكبيرة،و المعلومات التي يوفرها متداولة و معروفة،و لربما إن كانت تنقصها بعض التقعيدات النصية، فليست نصوص ويكيليكس ما سيجعلها ذات حجية و برهان...
وكيليكس هي حزمة من الرسائل الرقمية المتبادلة بين سفارات العالم و وزارة الخارجية الأمريكية،يخطها سفراء،قناصلة و معتمدون بذات السفارات،و تدخل ضمن أنشطتهم الدبلوماسية و الاستخباراتية،و لأن القاعدة الأساسية في تعامل أمريكا في مجال التواصل تفيد بأن كل معلومة، كيفما كانت قيمتها، و كيفما كانت درجة صحتها فهي مفيدة، نجد المراسلات تعج بالانطباعات الشخصية، و التقديرات السلوكية و القراءات الشخصية للأشخاص و الأحداث....لربما هذا ما جعل من نصوص ويكيليكس مادة مقبولة من طرف الشريحة الكبيرة من الراي العام الدولي و الوطني...نبحث في النصوص عن نظرة الأمريكان لملك المغرب، و جنرالاته و ساسته...و لربما قد نضحك من غباء أول مسؤول عسكري يجهل تواجد وزير دفاع دولة شقيقة في بلدنا...
السؤال الذي يتبادر للذهن هو الكابلات العكسية،أي ما تخطه وزارة الخارجية لسفاراتها، إما توجيها أو جوابا على ذات الرسائل،و كذا الرسائل التي يدبجها القائمين على سفاراتنا في دول مختلفة ، و التي يوجهونها لوزارة الخارجية في عاصمة بلدنا المغرب الحبيب....
لم يتب تسريب ما تجيب به وزارة الخارجية الأمريكية، إلا انه يمكننا أن نستنتج ن و بروح الدعابة الأمريكية، أن كاتب الدولة في الخارجية، على عهد الرسائل المسربة، سيستشيط حسدا و غيرة و هو يرى الرئيس القذافي غارق لشحمة أذنيه في حب ممرضته الأوكرانية،و يلعن الأنظمة الديمقراطية المبنية على المساءلة التي لا توفر هكذا حب،ثم انه سيفتح فمه فاغرا و هو يقرأ أن أكبر جنيرال في المغرب رتبة، و ربما سنا، و مسئولا على جيش هو تقريبا في حالة حرب، لا يأخذ علما بوزير دفاع دولة افريقية يقوم بزيارة لبلده، و يزور ثكناتها و مدارسها الحربية.....و غيرها من القفشات التي يمكن أن تسلي قارئ الكابلات في وزارة الخارجية الأمريكية.
نتمنى من الله أن لا يتم تسريب الكابلات التي تحمل الرسائل الرقمية التي تجمع سفارات المغرب بوزارة الخارجية المغربية،و إلا سنلقى على ظهورنا ضحكا بما يمكن أن تتضمنه،فعلاوة على الغياب الذي يمارسه السفراء و القناصلة و المعتمدون بهذه السفارات،و يظهر ذلك جليا في النتائج المحصل عليها في الدفاع عن قضايا هذا البلد الشقي،فإننا سنجد رسائل عن معارضين مفترضين، مواطن مغربي جلس في مقهى باريسي و بدل أن يقتني جريدة مغربية، اشترى جريدة الشروق الجزائرية، و آخر في عاصمة البرازيل وجد نفسه صدفة يتابع برامج قناة الجزيرة بدل قناة المغربية الموجه لجاليتنا بالمهجر، دون الحديث عن تقارير البغاء و المقتنيات و الشراءات....و أكاد أجزم أنك لن تجد تقريرا واحدا عن شخصية أو عن حزب في البلد الآخر....لأنه ليس لدينا من يعول عليه لينتجوا لنا وكيليكسا مغربيا جدير بالاهتمام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همس في أذن جثة متعفنة

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الصورة كإنجاز دبلوماسي وسياسي

السفارة في العمارة

الإستخفاف الموجب للمقاطعة

إرهاب العارف....في منع مشارف

بعد رصيف القيامة، قارعة الطريق ، للشاعر عدنان ياسين، تفاعلا مع 20 فبراير