مواطن قرر ان يفكر بشكل آخر:الصحراء
لعل الحلقة الأخيرة من برنامج حوار، الذي يديره الصحفي الشريف مولاي مصطفى العلوي،حفظه الله من كل مكروه،و الذي استضاف فيه السيد عبدالكريم بنعتيق، الأمين العام لشيئ اسمه الحزب العمالي،كانت النقطة التي أفاضت كاس القرار، و الذي كان يختمر ببطئ و وجع لمدة شهور عديدة، قرار الصدح بما أعتبره حقيقة الموقف من القضايا التي تمور في الساحة السياسية.
كان الموضوع حول أحداث العيون....و كان حول ما سمي باعتداء الصحافة الاسبانية على السيادة المغربية....و كان حول مسيرة الدار البيضاء المليونية....و كان مطلوبا من عبد الكريم بنعتيق أن يجيب على هذه الإشكالات...
لا يمثل الحزب العمالي، و زعيمه السيد عبد الكريم بنعتيق،رقما في المعادلة السياسية الوطنية، على الأقل في مخيلتي،و إن كان يتبجح بكونه حصل على ثلاثة في المائة،و التي تخول له الحق في الحصول على الدعم من الدولة، لو حذت هذه الأخيرة حذو فرنسا مثلا،و التي تدعم الأحزاب أصحاب اثنين و نصف بالمائة فقط ، رغم أن كلام الزعيم مردود عليه، لأن القانون قانون أولا، و لأن الثلاثة بالمائة تصبح زهاء عشر العشرين بالمائة إذا احتسبنا الكتلة الناخبة التي قاطعت الانتخابات،وهي نسبة تستدعي حل الحزب لا دعمه،لعدم استطاعته القيام بمهامه الدستورية و المتمثلة في تأطير المواطنين .
وضع الحزب بهذا الشكل، و كونه ينتمي لما يسمى معارضة،يُأمل منه، و لو على سبيل المزايدة الحجاجية، تبني مواقف أكثر بريقا،و في نفس الوقت أكثر مصداقية في مخالفتها للخطاب الرسمي، المبني على عقدة الضعف و الخوف من قوى الغرب من جهة و التسلط و العنف اتجاه المواطنين بالمغرب من جهة أخرى....لم يحصل كل هذا، شن الزعيم هجوما على الصحافة الاسبانية، و على الجارة الجزائر و على البرلمان الأوروبي و على البوليساريو....
في ذات البرنامج، فهمنا لماذا تضحك الدول العظمى من سياساتنا، حين نقدم لهم إحصاءا للسكان مبني على عملية توزيع بيض الدجاج على الساكنة في مخيمات تندوف منشور في مجلة مغربية تعرض صاحبها، و الذي انتقل للجهة المعادية من أجل انجاز التحقيق،للكثير من المضايقات و السب و الشتم....
هل الصحراء مغربية أم لا؟؟ هل الجواب بالنفي هو تخوين للمواطن المغربي و استعداء للغير مغربي؟؟
الحقيقة الوحيدة الثابتة هي أن الصحراء منطقة متنازع عليها، بين المغرب و البولساريو،و الحقيقة الأكثر مرارة ،هي أننا اعتقدنا كمغاربة، و لمدة طويلة، منذ المسيرة الخضراء،أن الأمور محسومة على الأرض لصالح الوطن الكبير،و أعتقد سكان الصحراء، المتشبثون على الأقل بوحدتهم مع المغرب،أن هذا الأخير يستنزف ثروات هائلة من منطقتهم، و أنه جديرين بالمزيد من العطاء بشكل تمييزي ،بينما سكان المغرب بالداخل يعتقدون أن من حقهم هذه الصحراء بخيراتها، إن كان فيها خيرات،نظرا لما قدموه من تضحيات، تجسدت في شهداء و مختطفي حرب، و جبايات التضامن الوطني، و انكسارات لصيرورة التقدم و عطب في المسلسل الديمقراطي و غيرها....
الوقوف على وهم هذه التخيلات خلق صداما عنيفا في المنطقة ، ربحت فيه مقاربة الانفصال ضد الوحدة، و انفلتت الأمور من بين أيدي القائمين عليها....و كان مخيم اكديم ايزيك، و قبله أحداث نهاية 2005 و قبله أحداث 1999، و غيرها.
الخطأ في الأسباب خطا الدولة التاريخي....و لا يمكن لوم من هم في خانة الأعداء المفترضين،و لا المواطنين الصحراويين الذين اقتنعوا بأطروحة الانفصال، لأنهم كما سلف الذكر، يعتقدون أن خيرات أرضهم كفيلة بتحقيق حلم الاستقلال ، السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي....
كان تفكبك المخيم عنيفا، و العنف ليس وليد الرصاص وحده الذي لم يستعمل بشهادة الجميع، لكنه عنف بدني،غازات مسيلة للدموع و ركل و رفس، بالإضافة لردود الأفعال في استعمال القوة الغير متناسبة بين الطرفين،خلف سقوط ضحايا قتلى أغلبيتهم من أفراد القوات العمومية،و ضحايا بجروح و سجون و كسور، أغلبيتهم من سكان المنطقة ....
ربما الصورة غير ما ذُكر أعلاه ، ر بما الصورة هي ما تداولته وسائل الإعلام الرسمية ، معززة بتسجيل شريط متحرك يظهر بشاعة الجرائم المرتكبة في حق القوات العمومية العزلاء، لكن واقع الحصار الإعلامي الذي فرضته الدولة على المنطقة، و تصريحات النائبة كجمولة بنت أبي للصحافة ، تجعل من اعتقاد العكس وارد،يضاف له اشتغال جانب من الصحافة على الموضوع ربما بطريقة منحازة.
كان ما بعد تفكيك المخيم،اعتقالات و اختطافات،معتقلين يتحدثون عن أشكال قروسطوية من التعذيب الجسدي و النفسي، نساء تم التنكيل بهن في مخافر الشرطة و أقبية رجال الدرك،و حصار مستمر ضد وسائل الإعلام....و صوت واحد في المغرب،يمدنا بما يرغب فيه و علينا أن نصدقه مرغمين.....
كمواطن قرر أن يفكر بشكل آخر، أعتقد أنه لا يمكن للبرلمان الأوروبي و لا الاسباني،أن يصوت على قرار ضد بلد كالمغرب، فقط لأنه تم تغليطه من طرف أعدائنا،البرلمانيون الأوروبيون، الذين لا يشبهون برلمانيينا في أميتهم و تخلفهم،مدججون بكل وسائل المعرفة و الاتصال،مسلحين بقيم النزاهة و العمل،بتكويناتهم الأكاديمية،لن ينساقوا وراء أضاليل و دعايات،هناك قناعات راسخة بشيء ما اسمه حق سكان الصحراء في تقرير مصيرهم.
كمواطن قرر أن يفكر بشكل آخر،يرى أنه من المنطقي أن نقبل باقتراح الطرف الآخر،لأنه أشمل من مقترح الحكم الذاتي ذو التوجه الوحيد،فهو يقترح استفتاءا يضم ثلاثة مقترحات ،الاستقلال ،الحكم الذاتي أو الإلحاق بالوطن الكبير.
سيعترضون بأن الاستفتاء أصبح متجاوزا لأنه هناك صعوبة في تحديد القاعدة الناخبة،و يتناسون أن إنزال الحكم الذاتي يتطلب ذات القاعدة الناخبة.
..../...... يتبع
تعليقات
إرسال تعليق