نهاية قضية جعفر....في انتظار مصيبة أكبر
حسم المجلس الأعلى للقضاء النقاش الدائر حول ما أصبح يعرف بقضية الأستاذ جعفر حسون، أو قضية التسريبات التي نشرت على أعمدة جريدة الصباح،و ذلك بإدانته رفقة زميله الأستاذ محمد أمغار،نائب وكيل الملك بمدينة إفران،و عزلهما نهائيا من سلك القضاء،مع الاحتفاظ لهما بحقوقهما في الاستفادة من التقاعد.
لربما الحكم الصادر ضدهما كان متوقعا،و حبره الأول كان سائلا منذ أن منع دفاع الأستاذ جعفر حسون من نسخ المحاضر و التقارير في تفسير ضيق لمفهوم الاطلاع...و هو ما دفع القاضي موضوع المتابعة بعقد ندوة صحفية بسط فيها كل ما هو متعلق بهذه القضية.
وقع الفاس في الراس كما يقول المثل الشعبي.....فماذا علينا أن نستنتج من هذه الواقعة، و لو أن استنتاجنا لن يكون ذا فائدة،فقد أصبح رياضة وطنية، نمارسها في كل واقعة دون أدنى أثر فيما سيلي من وقائع و سياسات في هذا البلد...
خبر القرار الصادر عن المجلس الأعلى في هذه الواقعة،إطلع عليه الرأي العام في الصفحة الأولى لجريدة المساء الصادرة بتاريخ الأثنين 13 دجنبر 2010،دون غيرها من الجرائد.و هو خبر مقرون بتفاصيل عديدة مستنسخة من تقارير و محاضر الواقعة التي تهم السيد جعفر حسون،و هي إفادة لمصدر قضائي مطلع...فما هي صفة هذا المصدر؟ و ما هو شكل اطلاعه؟؟ و ما هي طريقة إخباره للجريدة بحكم لم يصدر للعلن بعد؟؟ و هل ما تداوله المقال بين مزدوجتين هو منقول شفهيا للصحفي الذي حرر المقال، أم أن الصحفي استعان بنسخة شمسية للمحاضر و التقارير؟؟؟
لا يمكن أن نتغاضى على واقعة أن قضية جعفر حسون تختزل في أحشائها صراعا مبهما يعرفه المجال السياسي ببلدنا، بين جهتين لا هي حزبية و لا دينية و لا عرقية، تتحاشى الظهور و تجيد اللعب خلف الستار،ساحاتها عديدة، تارة اقتصادية كان مسرحها قضية اسمها المدير العام للتجاري وفابنك و المدير العام لشركة الاتصالات ونا، و تارة قضائية اسمها قضية جعفر حسون ، و مرات عديدة سياسية، لعلها أبلدها ما عرفته الانتخابات الجماعية و تشكيل مجالسها و رؤساء جماعاتها و عمداء مدنها.....في الجانب الإعلامي ، لكل جهة ذراعها،جريدة المساء من جهة و جريدة الصباح من جهة أخرى.
جريدة الصباح ، نشرت مقالا توضيحيا بقلم الأستاذ جعفر حسون،يناقش فيه سبب انسحابه، و انسحاب دفاعه من جلسة التأديب المنعقدة بالمجلس الأعلى للقضاء،و يضع يده على واقع معاناة القضاة و الخوف الذي تم زرعه في أوساطهم، كما يلقي باللوم على الودادية الحسنية للقضاة التي لم يسمع لها موقف في نازلته....مقال يجد مسوغاته في ضرورة تنوير الرأي العام بقضية كاتبه،و يلقي الضوء على جزء مما اطلع عليه في تقارير المقررين و محاضر الشرطة القضائية بمناسبة الواقعة، و يناقش دور هذه الأخيرة ، اي الشرطة القضائية،في مباشرة التحقيق في مسائل مهنية هي أولا و أخيرا مسؤولية لجان التفتيش التابعة لوزارة العدل...
جريدة المساء، و لربما بفضل الجهات التي تقف خلفها،علمت بموضوع المقال،أو في رد على صدى الندوة الصحفية التي عقدها القاضي جعفر حسون و دفاعه،حاولت تطويق كل ذلك بنشرها لخبر صدور قرار المجلس الأعلى للقضاء و بعض من تعليلاته مبتورة من سياقاتها بشكل فج و دنئ...
ذيلت خبر القرار في فقرتها الثانية "بسبب تورطهما،حسب مصدر "المساء" في "الإرتشاء و استغلال النفوذ"...دون أن تشير لواقعة واحدة تفسر هذا الارتشاء و استغلال النفوذ.
استنذ خبر "المساء" و ربما قرار المجلس الأعلى للقضاء، عل تصريح رجل الأعمال "ع,أ"،و الذي صرح "....و على إثر ذلك، تبادلا الزيارات و الخدمات،بحيث عمل "ع أ" على طبع منشورات بعض القضاة المرشحين لإنتخابات المجلس الأعلى للقضاء مجانا،من ضمنها منشورات القاضي جعفر حسون." لم يطالعنا مقال الجريدة الأكثر مقروئية في هذا البلد، من هم القضاة الآخرين الذين طبعوا منشوراتهم في مطبعة السيد "ع أ"، و لماذا لم يُتخذ فيهم نفس الإجراء الذي اتخذ في حق القاضي الموقوف،ثم لم يطالعنا المقال على نوعية الخدمة البديلة لهذا الطبع المجاني أو الاستضافة بالفندق بقيمة 7000 درهم لفائدة القاضي و عائلته، و الذي يكون السيد "ع أ" قد استفاد منه....كما لم يشرح لنا كيف تم التأكد من الوعد الذي أعطاه القاضي لبعض من زملائه بالتنقل، و هو وعد مشروع من زميل في هيئة ثمثيلية مهنية،و بين عملية التنقيل الفعلي،كما لم يشرح لنا إن كان هذا التنقيل بمقابل مادي أم لا؟؟
نفس الملاحظات تسري على البذلة التقليدية بقيمة 1400 درهم ،هل هو تكليف من السيد القاضي لصديق له، أم رشوة في مقابل خدمة بديلة.....
قد تنتهي القصة إلى ما آلت إليه لحدون الآن،قاضي تم الاجهاز على مستقبله المهني،و صحافة مكتوبة أخذت حلة مناديل المراحيض الورقية، و واقع سياسي يتفرج و لا يحرك ساكنا،مسكونا بهاجس التموقع الذي أصابه و أنساه دوره الفعلي،تقعيد أسس العقل و الديمقراطية في هذا الواقع الموبوء
و في انتظار قضية أخرى....
تعليقات
إرسال تعليق