لماذا التوجس من المدونين؟



"أنا أم لطفلين،وطنية،و تخالجني أحاسيس كثيرة، و ليس لي أحد كي أقاسمه ما يخالجني،فقررت أن أقتسم ذلك مع الجميع،و أنشأت مدونة في الفضاء الرقمي،حين أنتهي من أعمال البيت و المشاغل الأبناء،أمسك حاسوبي و أفرغ أفكاري و أحاسيسي....أنا مع حرية التعبير،لكنني مع الدولة في قرارها بإغلاق مقر الجريدة...."
كانت هذه مقتطفات من تصريح لمدونة مغربية عضو في جمعية المدونين المغاربة،التي اجتمع جمعها التأسيسي الاستثنائي،في نادي المحامين الواقع بحي المحيط.
هي عضوة بالمكتب الوطني للجمعية،نفس الجمعية التي أدانت إغلاق مقر القناة الفضائية الجزيرة.
وحدها هذه البلاد، من تعطيك فرصة عقد اجتماعين تاسيسين،الأول كان من المفروض فيه أن يكون عاديا،فأصبح لاغيا و الثاني إستثنائيا و قد يغدو تاريخا لمعاناة أخرى.
رئيس الجمعية أتعبته متاهات المساطر، و أصبح كالأبله في فهمه لهذه التناقضات الخطيرة و العادية في مقاربة وضعية جمعيته،يلكمه بعنف المسؤول في الولاية و هو يمتنع عن مده بوصل الإيداع القانوني،و تحتفي الدولة باسمه في موقعها الرسمي و هو يطالب،بمعية جمعيات حقوقية أخرى،بالكشف عن مكان تواجد مصطفى و لد سلمى ولد سيدي مولود.
يرفض عضوية مدونة عراقية بالمكتب الوطني للجمعية، رغم أن القانون لا يمنع ذلك،و رغم أنها مقيمة هنا بالمغرب منذ سنوات،و لها صيت أدبي كبير: سنبين لهؤلاء المسؤولين أننا متطرفين في تطبيق القانون،فإذا كان هذا الأخير ،ينص على تحويل الجمعية لإطار أجنبي في حالة تجاوز عدد أعضاء المكتب الوطني  أكثر من الثلثين، فنحن يا سيدي لن نشرك و لو أجنبيا واحدا....منطق الانكسار و الخضوع هو ما ساد كخطاب وسط الأعضاء المؤسسين: يريدون أن لا نشرك المنتمين لجماعة العدل و الإحسان في المكتب،سننقب في ثنايا الخلايا،و في وجدان الأعضاء، لننتشلوا خبث الانتماء لأي مجموعة لا ترى لها الدولة بعين الرضى .
كان على الجمعية أن تكون مؤسسة في تاريخ جمعها الاستثنائي،و كان عليها أن تكون بصدد تقييم انجازاتها ، و لكن شاءت الظروف غير ذلك، شاءت الظروف أن لا يكون في جدول أعمالها، لحظة جمعها الاستثنائي هذا سوى نقطة واحدة و وحيدة:الحصول على مصل إيداع قانوني.
ما الذي يمنع الدولة بالترخيص لهؤلاء الشباب؟ ما الذي يخيفها من جمعية المدونين؟؟ و لنتأمل بلادة أصحاب القرار،و نتطفل لنضع نفسنا موضع من ينصح، بخبث و بمكر.
قوة المدونين في مدوناتهم،في هذا الكم الهائل من الافتراضي الذي أصبح يشكل رقما صعبا في معادلات القرارات السياسية و الاجتماعية،بفضل فرص التسربل و المراوغة التي تتيحها الشبكة،و التي تعبر الدول و القارات،و المغرب اكتوى من نار هذه القوة،في مناسبات عديدة،لعل آخرها و ليست أخيرها قضية اليديب بوبكر في مركز تغجيجت بباب الصحراء،اكتواء لم يكن فيه للجمعية وجود،على القل على المستوى القانوني...
تأسيس الجمعية و التصريح بوجودها القانوني، هو استدراج لهذا الافتراضي كي نحاوره،نضبطه و لربما نعتقله ضمن مساطر قانونية نرتب فيها انزلاقه عن أهدافه المسطرة في وثائق جمعيته....كان من الممكن أن تكون الجمعية آلية من آليات ضبط هذا المارد المنبعث من كومة الأسلاك السبرنيتكية،و الذي لا يجهل قوته و أفقه إلا بليد و متنطع.
المدونات ، صحافة المواطن،صوت من يبحثون عن أصوات أخرى متعددة و حرة و منفلتة،و أحسن قرار اتخذته الجمعية،بعد قرار حرب الوصل القانوني، هو التركيز على تكونين المدونين،و استقطاب أقلام أخرى لهذا الفعل الكتابي الجميل...




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بؤس الصحافة: سمبريرو العالمي وكاغيد الأحداث المغربية

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الأكراد يرفضون عرض الداعشية العلمانية...

رسالة للصديقة سناء العاجي.....أو حين يزهر شجر اللوز رغم صقيع اللغة

الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة

المعادلة الصعبة