حين اضطر لأن لا أكون مسلما
بعد انهيار فرضية قنينة الغاز، التي لم تصمد سوى بضعة دقائق لا غير،طفت على السطح فرضية العمل الإجرامي و العمل الإرهابي، و هما مصطلحان ليس بينهما خيط اتصال غير النتيجة الدموية الواحدة التي يسفران عنها ،و أعتقد أن فرضية العمل الإجرامي، أملتها تواجد شخصية سياسية روسية،لربما تكون موضوع نزاع و خلاف مافيوي، و تم ترصده و تصفيته في هذا الحادث....
فازت في هذا السباق ، فرضية العمل الإرهابي،و اتضح أن الفاعل هدف لترهيب المجتمع و الدولة برمتها، لأنه فقط، يعتنق فكرا شموليا، يعتقد من داخل منطقه، أنه فكرا حقيقيا لوحده، و يعتقد كذلك أنه منوط به العمل على بناء المجتمع الذي يريده هذا الفكر....
أرغب دائما في تطويع أفكارا مجنونة تراودني،و أريد أن أصدق، بأن دين الإسلام براء من هاته الجرائم، لكنني و الحقيقة ، لا أستطيع،و لا استطيع قبول هذه الازدواجية التي تحولني لشخص منفصم، لأنه ببساطة ، حين تساجل حاملي هذه الأفكار، لا خيار لك سوى قبول أنك مسلم و تُسَلِم بما يدعون إليه، أو انك لست مسلما بالمرة، و التبرء من دين مبني على إطلاقية الفكر، و ضرورة إعلاء كلمة الله، بالجهاد و القتل و سفك الدماء....
هل يكفي القول أن حادث مراكش كان عرضيا، و أن المجاهد عادل العثماني ، تصرف من ذاته، و أعد العبوات التي نسفت هدوء القليل من الكفرة بدينه،و أن أبناء جلدته السياسية،و الدينية، بريئين من فعلته هذه، و أن ديننا الحنيف، يمنع قتل النفس بغير حق،و الحقيقة ، أن بائع الأحذية، الشبه أمي، يستطيع إقناع اي متعالم، بأن الذين ماتوا، هم غير مسلمين، و بالتالي قتلهم تم بحق....
لا أستطيع أن امنع نفسي من هذا الغضب، لكن في ديننا ما يشرعن لهذا القتل العشوائي، فتغيير المعروف يتم باليد أولا، و ما تغييره باللسان و القلب، إلا مراعاة لموازين القوى و أشكال التموقع داخل المجتمع....
الجهاد،و هي كلمة تشبه قليلا النضال، لا يتم من أجل تحرير الأوطان من الاستعمار، و لا تحرير الطبقات من الاستغلال، بل في سبيل إعلاء كلمة الله، و الإعلاء هنا يعني، الاطمئنان أن الجميع، من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، يدينون بالإسلام، و يؤدون الصلاة كما هي محددة في الدين الإسلامي، و يلزمون النساء بلباس الحجاب أو البرقع، و غيرها....
ما يدور حول حوار الحضارات، و التسامح و التعايش الديني هو نوع من التقية التي يمارسها الفكر الديني الإسلامي، و نوع من تطويع ذات الدين للحفاظ على ازدواجية في شخصية المواطن العادي،ذات المواطن الذي لا يتورع في إرغام صديقته لاعتناق الإسلام، كي يجسد مشروع ارتباط عاطفي، أو إغراء جاره الغير المسلم للالتحاق بالدين....ليس حبا في مصلحة العشيقة و لا الجار، و لكن تنفيذا لتعليم من تعاليم الدين التي تنص على نشر الدعوة و إعلاء كلمة الله....
ملاحظة جانبية لكنها في ارتباط وثيق مع الذي مضى،قد يبدوا للعيان أن الفكر الإسلامي الجهادي هو في أفول، و أنه لم يجد له موطئ قدم في حراك الشارع العربي الراهن، و هذا ربما صحيح من وجهة نظر تنظيمي، أي أن الخلايا و التنظيمات الإرهابية، المعتمدة على الفكر الديني،لم تعد تستقطب الاحتجاج الاجتماعي، لكن بالمقابل، و هذا ما نعتقده أخطر،خلق على مدى رقعة الكرة الأرضية، أشخاصا،غير منتظمين، لكنهم يحملون هذا الفكر، و ورثوا أشكال جهاده، من الارتزاق الحربي، في معارك هنا و هناك، لحدود الفعل الفردي، و الذي لا يمكن ضبطه ، و الذي نعتقد أن حادث أركانة كان شكلا من أشكال تجسيده...
تعليقات
إرسال تعليق