بين الملك و العشرين من فبراير،أحب الوطن

لا أحب الملك،هذا لا يعني أنني أكرهه،لأن الحب هو مجموعة من الوشائج التي تبنى في إطار علاقة احتكاك بين إنسان و آخر، أحترمه كملك، و كرئيس دولة، لأن القانون يفرض علي احترام شخصه و إفراد الكثير من التوقير له و لعائلته...صفقت للكثير من قراراته،حين كانت تستجيب لما أؤمن به،حين استجاب مثلا لما كان يمور في الشارع المغربي، و أطلق مشروع إصلاح الدستور،حين أصدر ظهير إنشاء مؤسسة الوسيط، حين استقبل ضحايا سنوات الرصاص، و حين عانق المرأة  ذات الجلباب الأبيض، و هو يواسيها في فقدان ابنها في عهد حكم أبيه...كما أنني انزعجت للكثير من قراراته أيضا،أو قرارات حسبت عليه،حين تم فك اعتصام مخيم اكديم ايزيك بتلك القوة ،حين أنشأ صديقه حزبا ليخنق به المشهد السياسي،حين يدشن، أو يراقب مشروعا، ترجع فيه أدوار التدشين و المراقبة لآليات حكومية ، المفروض فيها أن يباشرها الوزير الأول...يزعجني كل هذا، و كما أن انبهاري بقرارات تعجبني لا تدفعني لحبه بالمعنى الإنساني، فإن انزعاجي من قرارات أخرى لا تدفعني لكرهه...بقدر ما أن كلتا القرارات،تزيد من احترامي له ...
لا أحب حركة العشرين من فبراير،لأن الحب كما سلفت أعلاه، مجموعة من الوشائج التي تبنى في إطار علاقة احتكاك بين إنسان و آخر،لكنني أحترمها كحركة شبابية،ألقت الكثير من الأحجار في بركة السياسة المغربية الآسنة،صفقت لخروجها الأول،في العشرين من فبراير،التاريخ الذي حملت اسمه،و في خروجها الثاني في شهر مارس،و حاولت دعمها في مرات عديدة،و تابعت الكثير من أنشطتها....انزعجت من الكثير من الأشياء التي لم تبد لي في محلها،و استنكفت عن نقاشها لأنني أعتقد أن شبابها الفاعل هم أقرب مني على الأقل ،من أجل تقعيدها و ربما شذبها و تفعيلها ضمن شروط نضالهم و التي تختلف حتما عما كان يتجلى لجيلنا،انزعجت من تحالف هجين بين من يعتقدون في قدرة الإنسان و تحرره و خلقه و إبداعه، و آخرون يبدو لهم الإنسان مشروع خانع لأمير و فقيه و شيخ ،انزعجت حين وقفت على السواد التي توشحت به مظاهراتهم في الشوارع،و نساء الجماعات الإسلامية يصطففن في نظام لا تميز فيه سوى لون الرداء،في غياب تام لهوياتهن و إنسانياتهن،و رجال ذات الجماعات يرددن أن خيبر خيبر يا يهود ،جيش محمد سيعود،انزعجت كذلك حين تناهى إلى علمي كيف يتم تطويع حركة العشرين من فبراير،من هذه الجهة أو تلك،لخدمة مشاريع اجتماعية،شخصيا أفضل ضدها،العيش في ظل نظام كالذي يسود في بلدنا الآن ،بدل أن يستأسد على  رقبتي شرطة مرور الهواء المعلب بصيغ الحلال و الحرام....
أحب الوطن،هذا البلد الذي يسمى مغربا،و جدت نفسي أنتمي إليه دون أن يخيروني في هذا الانتماء،و الحب هنا وشائج بنيت في إطار علاقة احتكاك بيني و بين هذا البلد....و المواقف الإنسانية التي تحدثت عنها في علاقتي بالملك و بحركة العشرين من فبراير،نابعة من تقديري لمصلحة هذا البلد،لأنني أصبحت أعتقد أن الفاعلين الأساسيين في ساحته (البلد) ،هما الملك و العشرين من فبراير...
سارت الأمور بشكل مثالي،إبان الطبعة الأولى للعشرين فبراير،بنيت على حوار بين الفاعلين الأساسين المشار إليهما أعلاه،طالبت العشرين من فبراير في إطار أفق محدد،و استجاب الملك داخل إكراهات الصيرورة و الكبرياء، و انطلقت دينامية الإصلاح،بأعطابه ربما،لكنها دينامية ايجابية ،قد تصحح مسارها في سيرورتها...
لا أعتقد في فكرة التآمر و الأقطاب،و أن صقورا في النظام ترفض الإصلاح هي من كشرت عن أنيابها،بل هو الملك،بأصدقائه و محيطه،و نظامه من يبسط أساريره حين يلمس أن المطالب لربما معقولة،و هو من يكشر حين يدرك أن وجوده مهدد.... و في هذه الحالة بالضبط،أعتقد أن الغضب و التكشير مشروع،من وجهة نظر الدفاع عن الوجود....
هل تستطيع حركة العشرين من فبراير استعادة نسختها الأصلية؟مجريات الأمور لا تشي بذلك،و شعار الإبادة أصبح يرفع من الجانبين،و ستتحقق ذات الإبادة ،سيعيش طرفا دون أن يكون منتصرا و سيخسر الوطن...الوطن الذي أحبه فقط


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همس في أذن جثة متعفنة

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الصورة كإنجاز دبلوماسي وسياسي

السفارة في العمارة

الإستخفاف الموجب للمقاطعة

إرهاب العارف....في منع مشارف

بعد رصيف القيامة، قارعة الطريق ، للشاعر عدنان ياسين، تفاعلا مع 20 فبراير