إرهاب العارف....في منع مشارف
لا أعرف هذا الذي اتخذ قرار منع برنامج مشارف،و لا أريد أن ألج عالم التكهنات،فبؤر المنع في هذا البلد تتعدد مقابل شح في عدد دوائر الإباحة.....لكنني أحاول أن أسائل هذا الشخص،حول دواعي هذا القرار الأخرق....
ليست لي فكرة عن أسباب المنع، سوى ما تناولته الصحافة الوطنية، حول تسجيل الصحفي لحلقات تنبش، فكريا، في فهم أسباب هذا الحراك السياسي و الاجتماعي الذي تعرفه المجتمعات العربية، و المجتمع المغربي، بالخصوص....
و أطرح السؤال الضروري، هل شاهد هذا الذي اتخذ القرار، الحلقات جميعها، و استنتج أنها غير صالحة للبث؟ و ما هي أوجه عدم صلاحيتها للبث؟
اشك في أن الذي اتخذ القرار،ممن يستطيعون الجلوس لما يقارب الساعة و هو يشاهد برنامجا ثقافيا دسما،أتخيله ممن قد يفعلون ذلك،اتجاه حفلات الرقص و هز الوسط،أو اتجاه فيلم رديء يحكي قصة غرامية سمجة أو بطولة حربية تستمني ضعفه الجسدي...
أتخيله عاشق للأفلام الهندية الرديئة، و وصلات الكاراتيه الغارقة في نمطية الاقتتال ....
و أتخيله كذلك ممن يطالعون محتويات البرامج عبر جذاذات يعدها له المخبرون المزروعين في مختلف دهاليز التلفزيون....
الجذاذة التي وصلته حول البرامج المسجلة،كتبت عليها نصيحة، و هي بمثابة أمر،بعدم البث...لماذا؟
ما الذي يمكن أن تتضمنه حلقة من برنامج ثقافي،و لنحاول أن نطلق العنان للخيال الماكر، في أقصى تجلياته، و نحلل ما إذا كان هذا الذي وقع يستلزم منع الحلقات و البرنامج من بعد برمته؟؟؟
المشهد نفسه، أثاث بسيط ، طاولة و كرسيين، و قليل من الكتب على مرمى يد مقدم البرنامج، و خلفه مكتبة بئيسة،و قبالته ضيف،قدر الصحفي كذلك، انه يستطيع تنوير النظارة الكرام، في مجال من مجالات تخصصه....
يبدأ السؤال،و تنساب الأجوبة،فكرا و كلاما و تحليلا و نقاشا،لا رصاص يلعلع و لا قنابل تنفجر و لا سكاكين تشحذ و لا مقاصل تنصب لأحد، فما الذي يمكنه أن يقوله باحث سوسيولوجي،كالدكتور بنسعيد، غير تشخيص الواقع و محاولة فهمه، من طرف هؤلاء المتحكمين أولا في رقابنا، كي يفهموا كيف سيمكن تدجيننا ،و كيف لهم أن يغيروا ربما من شكل تعاملهم معنا، كي ننقاد لهم كما كنا أبدا،فهل اقتسام هذه المعرفة هي ما يزعجهم؟ ما الذي سيقوله باحث مثل العطري، و هو يشرح الفعل الاحتجاجي في هذا الوطن؟
تتزاحم الأسئلة في الذهن، لتجد مخرجا ذكيا لهذا المنع الغبي، فلا تتوفق...
الذي اتخذ القرار، ليس سوى مرتبك، يرى في منطق الأشياء،استعداء على خيال منطقه،الحراك الاجتماعي يجرف كل مكونات الطيف الاجتماعي و السياسي، و لا يزيغ عن هدير نهره سوى طحالب و أقشاش عشب خفت بفعل جفافها و صفرتها،و برنامج مشارف لم يكن من ذاك الصنف،فاعتملت فيه ريح الحراك، و كان من الضروري أن يواكبها، صونا لوهجه، و في غباء منقطع النظير، صونا لهذه القناة التي بهتت صورتها....
ما زلت لا أستطيع بناء صورة لهذا الذي أصدر قرار المنع...لكنني و في قراءة لاستجابة الطيف السياسي و الفكري و مطالب الحراك الاجتماعي،في أعلى مستويات الدولة المتجسدة في رئيسها، الملك،و في طيفها الحزبي و المدني،لا أتخيله سوى عدوا لهذا الوطن،في أمنه الثقافي يشبه مفجر أركانة و ارتباطه التنظيمي،القاعدة، و في أمنه الترابي، يشبه المتربصون بوحدته الترابية، و في أمنه السياسي يشبه الذين يريدون توجيه المغرب نحو انسداد الأفق و الحروب الأهلية....
الذي أصدر قرار المنع يجب أن يحاكم بتهمة التآمر على أمن البلد و وحدته و حلمه....
تعليقات
إرسال تعليق