حين تلبس الحركة لكل الديمقراطيين....جلباب العشرين من فبراير
"العمل السياسي هو أولا التزام أخلاقي تجاه المناضلين والرأي العام. والرأي العام هو ما يشكل الحكم الأخير في نهاية المطاف، وهذا ما نسميه حكم التاريخ بعد أن تكون صفحاتنا قد طوتها يد الزمن. أما قبل أن تطويها فكل شيء ممكن، بما فيها تغيير اتجاه الأشياء، أي صنع التاريخ..."
لعل الفقرة أعلاه،في النقد الذاتي الذي عممه، صلاح الوديع، الناطق الرسمي باسم الأصالة و المعاصرة، و و أحد الموقعين العشرة على البيان الداعي لعقد المؤتمر الاستثنائي لذات الحزب،تلخص تلك الهوة النفسية الكبيرة، التي تكبر في أحشاء جسد مثخن باليسار، وجد ذاته لحظة استفاقة تاريخية، أنه موضوع شعارات ترفعها الجماهير التي كانت تسكنه، و تطالبه فيها بالرحيل....
النقد الذاتي الذي عممه صلاح الوديع، ليس غريبا في مضامينه،فأي متتبع لما قبل حزب الأصالة و المعاصرة، و لإرهاصات الولادة و لضربة الانتكاس التي خُبِط بها ذات عشرين فبراير،كانوا يستعرضون ذات الأمراض، الانتخابية و التنظيمية و الشخصانية...الجميع كان ينتقد استفراد القليل من الأشخاص بسلطة القرار داخل الدائرة الضيقة التي تتمحور حول المكتب الوطني، بل و حول شخص فؤاد عالي الهمة و إلياس العماري،و الكثيرون كانوا ينتقدون هذا الاستقدام المتضخم لكائنات انتخابية لا علاقة لها بممارسة السياسة في شكلها البدائي، فما بالك بمشروع يرفع شعار الديمقراطية و الحداثة....و الجميع كان ينتقد هذا التماهي مع الدولة،ليس كمؤسسات بقدر ما هو تماهي مع الذات الملكية،إذ أن الصحافة تحدثت كثيرا عن تدخلات في تحالفات أو قرارات أو تعيينات باشرها نافذين في الحزب باسم الإرادة الملكية....
فهل كان صلاح الوديع، الشاعر و المفكر، غافلا عن كل هذا قبل العشرين من فبراير؟ أم أن صمت الواقع،بدل أن ينبهه لبوادر الانفجار التي يمكن أن تعتمل في أحشائه،أوهمته أن الساحة خلاء، و أن لا سياسة غير ما يبشر بها و يباشرها حزب الأصالة و المعاصرة؟؟؟
ما الذي سيطرحه فريق العشرة ، الذين وقعوا بيان الدعوة للمؤتمر الاستثنائي، و من ضمنهم الناطق الرسمي باسم الأصالة و المعاصرة، كبديل للخروج من هذه الأزمة؟و هل يشكلون هؤلاء قوة فعلية داخل الحزب، بعيدا عن آليات الإكراه و الترغيب الذي يشكلها فؤاد علي الهمة و إلياس العماري، كل من موقعه؟ المعطيات المتوفرة، و التي أقر بها صلاح الوديع في نقذه الذاتي،هي تضخم الأجهزة المختلفة للحزب، الجهوية و المركزية، بكائنات انتخابية استقدمتها هالة القرب من مراكز القرار، المتجسدة أساسا في أصدقاء الملك،فكيف سيدبرون هذه الهوة الشاسعة بين تمثلاثهم الفكرية و السياسية، الايجابية لا شك في ذلك، و بين مطامع و مصالح هذه الكائنات ، المتربصة للفتك بكل من ينوي المساس بمصالحها؟
في ثنايا النقد الذاتي، هناك دعوة محتشمة للعودة لحركة لكل الديمقراطيين،محتشمة لأن في دواخل النفس، هناك وعي أن القائمين على حزب الأصالة و المعاصرة، لم يتركوها كوليد على القارعة ، كما ورد في ورقة الناطق الرسمي باسم الأصالة و المعاصرة، لكن تم اغتيالها عن سبق إصرار و ترصد، حين استشعروا أن الديناميكية التي أطلقوها لحظة السابع من يناير 2008،لاقت تجاوبا كبيرا من طرف فئات واسعة من الشباب المغربي،توهمت أن هناك فعلا سياسيا جديدا قيد التشكل، و أنها استمرارية للوهج الذي خلفه مشروع هيئة الإنصاف و المصالحة و تقرير الخمسينية و غيرها من إشارات الإصلاح الجميل الذي اعتقد فيه المغاربة جميعا.....تم اغتيالها لأن هذا التجاوب، و طبيعة الشباب الذي انحاز للتجربة يفهم السياسة كفعل نبيل يرمي لخدمة المجتمع و تقدمه، ضدا على فهم القائمين آنذاك على المبادرة، كفعل يرمي التوظيف و التوجيه و التطويع....
كان على الحركة لكل الديمقراطيين أن تموت،بشكل مؤقت، لتنتفض كالعنقاء باسم العشرين من فبراير، وأول من تتوجه إليهم بمخالبها، الذين اغتالوها....العشرين من فبراير ليست سوا غضب الذين فرحوا ذات حركة لكل الديمقراطيين
تعليقات
إرسال تعليق