حرقة الأسئلة......أو النص المركب
كان من الممكن أن يعمد الملك لتحرير نص دستوري،بمعية مستشاريه،و طرحه على الدستور أو اعتماده نصا قانونيا،ما دام المنطلق هو الدستور الحالي الذي يعطي للملك حق التشريع....
إحداث اللجنة الاستشارية المكلفة بالتعديلات الدستورية و الهيأة الحزبية الموازية لها ،نوع من المقاربة التشاركية الإكراهية،أي أن الأصل هو عدم إشراك أية قوة سياسية في مسلسل التعديل هذا، و الواقع يفرض ،أمام الرأي العام، المستنفر بفعل المناخ الإقليمي و المحلي،يستدعي ضرورة إيجاد آلية شبه تشاركية....
المحدق في هذا الواقع بعيون المتأمل سيندهش لهذه العجنة السوريالية،لجنة مكونة من شخصيات لها ما لها في العوالم الدستورية و القانونية ، تنصت لمقترحات الأحزاب جميعها، الطويل و القصير و الجالس على الحصير،بالإضافة للهيئات الشبابية و ممثلي المجتمع المدني،و مراقبة من طرف هيأة مكونة من تمثيليات حزبية برئاسة مستشار ملكي،كان على المنوني رئيس اللجنة الاستشارية الإنصات على المعتصم رئيس اللجنة الحزبية الموازية.....و كفى المؤمنين شر القتال....
طريقة اشتغال اللجنة الاستشارية،إن سلمنا أنها تشتغل بالفعل،فيها الكثير من الفلكلور،تحدد تواريخ مثول الأحزاب بين يديها،في شخص المكلف من طرف هذه الأخيرة بتقديم مقترحات الحزب حول التعديل الدستوري،يقوم بذلك شفهيا، تم يسلم ملفا ،يتم الاعتناء الظاهري به بعناية، لذات اللجنة، و يخرج من مكاتبها مزهوا و مبتهجا، و طبعا تلتقط له صورا و تصريحات و هو خارج من بين يدي اللجنة....
ألم يكن بالسليم التوصل بمقترحات هذه الأحزاب كتابة؟؟؟ دون اللجوء لكثير من الاستعراض؟
الدستور هو نتيجة مستوى تطور شعب ما....مدى تملكه لمقومات تحرره و تحضره،و في هذا الباب، عملت الدولة على احترام هذا المؤشر، من زاوية مؤسساتية محضة،الأحزاب التي تمثلنا و المفروض فيها أنها تؤطرنا،قدمت مقترحات لم تتجاوز الركائز السبعة المحددة في الخطاب الملكي،بل بعض الأحزاب لم تستطع استيعاب مضامين هذه المرتكزات،و اعتبرتها سوريالية،بالمقارنة مع مرجعيتها الفكرية البلاطية،كيف لحزب الاستقلال مثلا أن ينظر ، مجرد نظرة، في تركيبة الفصل التاسع عشر، و هو الذي حمل طيلة تقلده لمنصب المسؤولية، برنامج أمير المؤمنين في هاتف محمول خاص؟؟؟
سيتمخض الجبل و يلد لنا دستورا يمر عبر استفتاء شعبي .....هو بالتأكيد سيكون فأرا بالمقارنة مع المطالب التي رفعت،و ستغدو الملكية البرلمانية خروجا عن الإجماع الشعبي،و مروقا من الدين ،و قد يحاكم الدعاة لها.....لأن أحزابنا كلها لم تستطع الاقتراب من الفصل التاسع عشر....بل و فيها من اشترط سمو القوانين الدولية بعدم تعارضها مع التعاليم الدينية....كيف نوفق بين الحق في السلامة الجسدية لمواطن و حكم الحد بقطع يد السارق؟؟؟
رفض بعض شباب العشرين من فبراير الجلوس رفقة هذه اللجنة، لكن الذي يزعج هو أن آخرين قبلوا هذه الدعوة، مما يطرح مسألة الوحدة و مسألة التأطير السياسي و لما الإيديولوجي لشباب هذه الحركة.....
الجلوس لطاولة المفاوضات،هو نوع من سحب بساط من تحت أرجل الشارع،و تكريس هذا الانفراط من سبحة الفكرة الأولى للتغير العميق....
هل يجب اعتبار ما وصلنا إليه هو دون ما نسعى إليه، و أنه من الضروري العودة للبدايات......
هي فقط أسئلة...قلق السؤال.
تعليقات
إرسال تعليق