حتى نسترجع مهرجان موازين



لست ممن يرتادون حفلات مهرجان موازين،لا أحب الفرجة و أنا واقف لمدة العرض كلها، و لا أحب الفرجة كذلك، و أنا أحتك بمؤخرات في الزحام، و لا في زحام حيت يتم الاحتكاك بي،لا أحب الفرجة وسط الصخب و الضجيج و الصراخ المجنون......أحب الاستماع و الاستمتاع بصوت كاظم الساهر، في خلوة بنفسي أو في خلوة بمن يقاسمني حميميتي،نفس الطقوس تشدني و أنا أنصت لفيروز و لوردة الجزائرية، و لألتون جون و لمارسيل خليفة و غيرهم....
لكنني لا أعترض على إقامة مهرجان موازين في العاصمة الرباط،حيث يمنح الفرجة لشريحة واسعة من السكان،تجد متعتها في كذا فرجة،تحب الوقوف، و التلويح و الصراخ لفنانيها المحبوبون،تسترق لحظات تحرر غير متوفرة في فضاءات أخرى، كي ترقص و تغني، دون أن تتحمل مصاريف تذكر،و تتذوق أشهى ما وصلت إليه وجبات الغناء العالمي و العربي،بالصورة المباشرة، و بالصوت الحقيقي...
لا أعترض على  مهرجان موازين،لأنه يوفر للعاصمة السياسية فرصة رواج، ثقافي و اقتصادي غير مسبوق،هي التي تسودها رتابة طيلة السنة، و تحسبها مدينة ميتة بعد التاسعة مساءا، في الوقت الذي تشهد فيه مدنا أخرى، خاصة الدارالبيضاء القريبة منها، أو مراكش،صخبا حياتيا منقطع النظير، يصل ليل المدينة بنهارها.....الرباط لا تعيش على هذا الوقع الجميل، إلا لحظات مهرجان موازين...
القادمون لمهرجان موازين، الفنانون العالميون، يساهمون حتما بالتعريف بوطننا،بعرض قضاياه السيادية و الداخلية،في زمن أصبح فيه الماركوتينغ السياسي، عصب الأداء الدبلوماسي....
لكل هذا أعتبر أن الدعوة لإلغاء هذا المهرجان،فيها الكثير من عدم النضج، أو على الأقل قليلة البصيرة، إن لم يكن تخدم الإلغاء لذاته فقط، في إطار تمرير أجندة محددة، يجب فقط الوعي بها، قبل اتخاذ الموقف المناسب من هذه الدعوة...
مناقشة مسوغات هذه الدعوة، و محاولة فهمها،هو من صلب أي نقاش يتوخى المنطق و الديمقراطية في التعامل،و هي مسوغات ترتكز حول محورين:
ميزانية المهرجان، و ما يدور في فلكها....
الجهة المنظمة للمهرجان،و علاقة الماجدي،صديق الدراسة للملك بمهرجان موازين...
لا نعتقد أن المجتمع الديمقراطي الحداثي، الموعود بعد انتصار حركة 20 فبراير،سيحرم الشعب المغربي من إقامة المهرجانات الغنائية،اللهم إذا صدقت مقولة التربص الظلامي بهذه الحركة،و أمسكت اللحي و العمائم برقبتنا، و لم يحتفظوا في القناة الثانية سوى بمسابقة تجويد القرآن،و بالاحتفالات سوى بالعيدين، الفطر و الأضحى.....
لهذه المهرجانات حتما ميزانيات،و استقدام نجوم الغناء إليها، تكاليف مهمة،تساهم فيها المؤسسات الخاصة مقابل خدمات الاستشهار التي تستفيد منها، و تساهم فيها ربما حتى المؤسسات العمومية، مقابل ذات الخدمات، و مقابل الحفاظ على مبدأ مجانية الفرجة، و لا يمكن بأي حال،تحويل ذات الميزانية من أجل إطعام جياع انفكو أو شراء الأغطية للمحرومين من نعمة الدفء في جبال أخرى،و كأننا نعطي المبرر للمسؤولين، و خاصة المحليون منهم، كي يقولوا لنا،لو صرف المركز ميزانية موازين لفائدتنا، لما مات المواطنون في قمم الجمال الباردة....
لربما الماجدي،هو تلك الأيقونة التي تختزل كل الفساد الاقتصادي بالبلد، مع العلم أنه لا يشكل وحده الفساد في المغرب،و لا يجب السقوط في فخ أن التركيز على الماجدي، مما يستوجب من بعد الإجابة حول هذا التركيز، بتنحية الرجل و إبعاده،و كانه تطهير للنسيج الاقتصادي من كل ما يحيط به من هراء.....
المطالبة برحيل الماجدي،عن عالم السياسة كرجل أعمال، أو عن عالم المال كرجل سياسة، هو مطلب يستسيغه منطق المرحلة، و مطلب مشروع بذات المنطق،لكن لا يجب أن يمتد هذا المطلب ليتم تعويمه على ما يمكن اعتباره مكسبا شعبيا، و هو مهرجان موازين....
يجب ربما المطالبة بافتحاص مالية جمعية مغرب الثقافات، و مراقبة قانونية و مشروعية صرف بنودها،و إخضاعها لقانون تكافؤ الفرص بينها و بين الجمعيات الأخرى،و مطالبتها بجودة أكبر في تدبير مهرجان موازين....
سيبعد حتما عنها الماجدي،لأنه لم يألف المحاسبة،و سنكسب مهرجانا يمنحنا الفرجة و الفرح، و يمدنا بالأمل الكبير كي نمشي في مسيرة حداثثنا.....دون أن نكون مضطرين لسماع زعيق الدف وحده



تعليقات

  1. أنا مع موازين لكن بصيغته القديمة :)
    موسيقى العالم
    وباقي الكلام متفقة معك فيه 100%

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بؤس الصحافة: سمبريرو العالمي وكاغيد الأحداث المغربية

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الأكراد يرفضون عرض الداعشية العلمانية...

رسالة للصديقة سناء العاجي.....أو حين يزهر شجر اللوز رغم صقيع اللغة

الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة

المعادلة الصعبة