حين يصبح المواطن جهة عليا.....
نشرت جريدة المساء،في عددها 1413نبتاريخ الجمعة 08 أبريل 2011، و في ركنها السفلي،مع قهوة الصباح، خبرا مفاده أن أحد الوزراء غادر إقامته على الساعة الثالثة صباحا من أجل اقتناء علبة سجائر، لشخصيات صنفت من ضمن الجهات العليا، بعدما أمروه بذلك....
يستشف من الخير، و مما تلاه و لو أنه غير متجانس و لا مركب،أن الوزير إما هو توفيق حجيرة المكلف بوزارة الإسكان أو صلاح الدين مزوار وزير المالية.....
الجهة العليا المقصودة هنا هي إلياس العماري، و ربما بعض من حوارييه...
طيلة يوم الجمعة، لم يصدر عن الحكومة، أو عن الوزيرين، ما يكذب الخبر،كما أن جرائد نهاية الأسبوع لم تتطرق لذات الموضوع....
جريدة المساء، و هي للأسف مقروءة بشكل كبير من طرف هذا الشعب، كانت ترمي من وراء نشر هذا الخبر،تصفية حساب بالوكالة، بين جهة ما،لا ندري مدى علوها، و جهة أخرى عالية بدورها، و ربما يمثل إلياس العماري أحد واجهاتها...
في الدول التي تحترم نفسها،و التي لا يدخل ضمنها المغرب،بعض فئات المسؤولين ، ملزمين بقواعد سلوك معينة، تؤطرها أنواع من الشخصيات محددة،إذ لا يمكن للقاضي أن يجالس عموم الناس في المقاهي و الحانات،و لا يمكن أن نطلب من وزير أن يقتني لشخص ما،على علو وضعه في جهاز الدولة،علبة سجائر أو زجاجة نبيذ...
الخبر في صحته مسائلة للذي نتوفر عليه كمؤسسات، و في نشره نية في تقويض ذات المؤسسات في اعين أبناء هذا الشعب,,,و لنبسط أكثر كي نعي نتائج السلوك الذي قد تكون تعمدته جريدة المساء....
أن يرسل شخص ما، صلاح دين مزوار بجلالة قدره،و ببنيته الفارعة التي جعلت منه لاعب كرة سلة، قبل أن يتحول لوزير، ثم لسفرجي،كي يقتني له علبة سجائر،يعني أن هناك خلل ما في ترتيب معين في بعض المستويات من العلاقات السياسية....
الجهة العليا،و نستبعد هنا أن يكون الملك بعينه، هو من أقدم على "تبهديل" المسؤول الحكومي،لها فضل على السيد الوزير،و هو فضل مشروط بالطاعة، حد الإسفاف،بما يعني،أن لو لم يمثتل للأمر السامي باقتناء علبة سجائر، فإنه حتما ما كان ليصبح،في نفس المنصب،في اليوم الموالي...نستبعد ان تكون الجهة العليا هي السيد الوزير الأول...فهو أصلا لا طاقة له بسهر الليالي و لا بشرب السجائر...
تتعطل هنا كل المفاهيم المؤسسة لكيان الدولة الحديثة، و يتحول الدستور هنا،من مادة مكتوبة،تنص على أن الملك يعين الوزراء باقتراح من السيد الوزير الأول، إلى مادة سلوكية،يعين بموجبها الوزير،باقتراح من الجهة العليا، بناء على خنوعه و تقبل إذلاله ، و لو تطلب الأمر الخروج منتصف الليل لاقتناء علبة سجائر ....
لا تنطلي علي للأسف، فرية أن الملك لا يعلم بهذا الذي يقع،و أن الحاشية أو البطانة باستعارة قاموس العباسيين الذي لا زال صالحا لنا في القرن الواحد و العشرين،هي الفاسدة ، و أن هذا العبث بمصالح البلاد و العباد صادر عن شخصيات استغلت قربها من دوائر القرار فقط.....
هناك حلقة مجهولة و غامضة في بناء الدولة المغربية،تقضي بأن يكون الملك،في جانبه الإنساني المعمم إعلاميا،إنسانيا و حداثيا و ذو أريحية لا يمكن سوى الانبهار بها، و وراء الستار،محيطات ملكية ، لا محيط ملكي واحد،مركب من شخصيات عديدة،تستمد أصلا وجودها و تشرعن سلوكها بانتمائها لهذه المحيطات، و هي على كل حال،المتصرفة بأمره في و الحاكمة بعلمه....
لعل فيما يطالب به الشعب المغربي، من ملكية برلمانية ، أو حكامة جيدة، ما يمكن قطع الطريق على هذه الممارسات،لا يجرؤ الملك فيها و لا محيطه، أن "يسخرو" وزيرا منبثقا من إرادة شعبية،ليجلب لهم علب السجائر على الساعة الثالثة صباحا،و هي ذات الساعة التي يجب أن يكون فيها الوزير نائما، ليباشر عمله صباحا....في توجس من محاسبة المواطن له، فقط المواطن و لا غير....
تعليقات
إرسال تعليق