حين تشجع الدولة الطعن بالسكين




نشرت جريدة الصباح في عددها ليوم السبت –الأحد ، بتاريخ 23-24 أبريل 2011،في صفحتها 11 ، خبر انتشال جثة شاب من صهريج المنارة بمراكش،و في أسفل نفس القصاصة، خبر مقتل شاب بحي دوار العسكر،على إثر طعنة بسكين في القلب، تلقاها من شاب آخر إثر ملاسنات بينهما.
و في نفس نهاية الأسبوع،توفي الطالب هباد حماد،المنحدر من مدينة أسا بالجنوب المغربي،على إثر طعنة تلقاها من شخص مجهول،بالقرب من الحي الجامعي السويسي حيث يقطن....
تنشر الجرائد و مختلف وسائل الإعلام ، أخبار عن وفيات ، يكون ضحيتها شباب،إثر ملاسنات أو شجارات ، بأسباب وجيهة او بدون وجاهة لأسباب ما....
كما نشر موقع لكم الالكتروني، خبرا يفيد أن عائلة القتيل الصحراوي رفضت تسلم جثة فقيدها، لحين تشريحها و الوقوف على الأسباب الحقيقية للوفاة....
كما أن نفس الموقع، نشر ضمن نفس الخبر أن الأسرة رفضت تعويضا ماديا، بقيمة مائة و خمسون ألف درهم (15 مليون سنتيم)،قدمته لها السلطات المحلية، على سبيل العزاء....
و قبل ذلك عرفت مدينة العرفان تخريبا مهولا، لمنشآت الترامواي الذي لم يفرح باستعماله المواطنين بعد، و بعض مرافق الحي الجامعي السويسي الأول،الذي يشكل معلمة من معالم التضامن الوطني لما يوفره من خدمات الإيواء لفائدة طلبة منحدرين من مناطق مختلفة من الوطن...
التخريب قام به طلبة، ذكورا و إناثا، ينتمون للأقاليم الجنوبية،بدعوى الاحتجاج على مقتل الطالب هباد حماد،دام يوما كاملا، وقفت فيه القوات العمومية موقف المتفرج لمدة غير يسيرة من الزمن، كانت كافية لتحقيق الخراب من جهة، و زرع الرعب في الطلبة الآخرين، المنتمين لنفس الوطن في أقاليمه الأخرى....
الشابين اللذين توفي في مراكش، لم تتلق عائلتيهما عزاءا، لا معنويا من طرف ممثلي السلطات المحلية بمراكش،و لا ماديا بقيمة الخمسة عشر مليون سنتيم، رغم أن مسؤولية الدولة في غريق الشاب واضحة، لعدم توفر الصهريج على آلية للمراقبة، و لا توجد به نقطة للوقاية المدنية، التي كان من الممكن أن تنقذ الشاب الغريق قبل وفاته....و مسؤوليتها في مقتل الشاب بطعنة سكين بادية بشكل رمزي، تتمثل أساسا في مسؤوليتها في حماية أرواح المواطنين،بدءا من الإجراءات الأمنية وصولا لإشكالية التربية و التعليم..
كما أن أصدقاء الضحيتين،و عشائرهم، لأنهم حتما ينتمون لقبيلة من قبائل هذا المغرب،لم يحتجوا، و لم يخربوا منشئات عمومية، "كمدوها" في قلوبهم، و دفنوا قتلاهم ، و سالوا الله أن يلهمهم الصبر و السلوان في فقدان أحبتهم....
لماذا إذن هذا التعامل التفضيلي للمواطنين القادمين من جنوب المغرب، و من الأقاليم الصحراوية بالضبط؟ ألا يدفع هذا السلوك المنتهج من طرف الدولة،لزرع الكثير من التعالي لهؤلاء المواطنين على إخوانهم الآخرين،و تنصيب أنفسهم في مراتب مميزة عن الباقين من جهة، و تكريس نوع من الحقد و انعدام التعايش من جانب مغاربة الداخل كما يطلق عليهم، من جهة أخرى؟؟؟
لقد تم لمس هذا النزوع نحو التنافر في أحداث مخيم اكديم ايزيك، السيئ الذكر،إذ طفا على السطح الأحداث نوع من العداء المستحكم بين سكان مدن الصحراء و إخوانهم المواطنون الوافدون على ذات المدن من جهات أخرى،تغذيه الدولة للأسف،بنوع من استعداء الغير الصحراويين على أبناء البلد، و تمييز الصحراوين في الداخل بإجراءات ريعية لا علاقة لها بمنطق دولة الحق و القانون....
وفاة هباد حماد تدخل ضمن جرائم الحق العام،كان من الممكن أن يتعرض لها أي طالب ،بغض النظر عن انتمائه الجغرافي،تستلزم فتح تحقيق، و اعتقال الجاني،و تنصيب محاكمة عادلة له، و على العائلة أن تتنصب كطرف مدني، و تطالب بالتعويض الذي تراه مناسبا في فقدانها لفلذة كبدها،و على المحكمة أن تصدر حكمها في ذات السياق....
رد فعل الطلبة أصدقاء القتيل، يدخل ضمن أعمال الشغب و تخريب المنشآت العمومية،تستوجب رد فعل يدخل دائما في إطار احترام القانون،باعتقال مقترفي هذا التخريب و تقديمهم للمحاكمة العادلة....
يبقى على الدولة، أن تعيد النظر في سياسة "الترييع" التي تنتهجها، و ذلك بالمزيد من الديمقراطية السياسية أولا، و الاقتصادية و المجالية....لا نعتقد أن رد فعل عائلة القتيل، و حوارييه كانت ستكون بنفس الحدة، لو أنه توفي في العيون، حيث من المفروض أن تكون هناك الجامعة  تحتضنه بعد الباكلوريا.....



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

همس في أذن جثة متعفنة

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الصورة كإنجاز دبلوماسي وسياسي

السفارة في العمارة

الإستخفاف الموجب للمقاطعة

إرهاب العارف....في منع مشارف

بعد رصيف القيامة، قارعة الطريق ، للشاعر عدنان ياسين، تفاعلا مع 20 فبراير