الفيزازي بين التطهير....و التطهر



هل تشكل نقطة قوة حركة العشرين من فبراير،و هي ترفعها عن الخلافات الإيديولوجية و العقائدية،نفس صفة نقطة ضعفها و مقتلها؟ تبادر السؤال للذهن إثر الخروج الغير المحمود لأحد رموز السلفية الوهابية، في حوار مع جريدة أخبار اليوم، و هو يدعو لتطهير الحركة من الملاحدة و الدخلاء و كالين رمضان...
صحيح أن الفيزازي لا يمثل طرفا في الحركة، رغم إصراره على اعتباره كذلك، من خلال امتداده البيولوجي الذي يشكله إبنه،الذي ينشط ضمن تنسيقية مدينة طنجة، لكن صمت الآخرين، المحسوبين على التيارات الإسلامية، المعتدلة منها و المتطرفة ، على ترهات الرجل يحمل أكثر من دلالة.....
الدلالة الأولى، للأسف ، هي أن بعض المنتسبين لحركة العشرين من فبراير، يمارسون التقية، من خلال اصطبارهم على القبول الاشتغال مع حساسيات أخرى، يسارية و علمانية،من أجل خلخلة المشهد السياسي في مرحلة أولى، ثم الانقضاض على حركيته، مستندين في ذلك لامتدادهم العقائدي في نسيج المجتمع...
الدلالة الثانية، أن الحراك الاجتماعي في بلدنا، لم يستطع أن يفرز قواسم مشتركة بين كل المصطفين في خندق المواجهة الواحد،تتمثل أساسا في  قيم المواطنة، بما تشمله من ديمقراطية و حرية تعبير و رفاه العيش، كمطالب لجميع فئات الشعب، بل فيهم من يخبئ نواياه الخلافية و الجمهورية، كسيف تحت المعطف، ينتظر أن يستله في اول منعرج يشعر فيه بأنه غير محتاج للآخرين....
الدلالة الثالثة، في ارتباطها بالمقارنة بالنجاحات التي تحققت في بلدان عربية أخرى، و نخص بها هنا تونس و مصر، حيث أن حركة الشارع الجديدة، بالمقابل مع أحزاب المعارضة التقليدية،توحدث حول شعارات بسيطة،كان جلها أقرب للملامسة من طرف المواطن البسيط،محاكمة المتسبب في إهانة البوعزيزي في تونس و مقتل خالد سعيد في مصر، تصاعدا باتجاه مطالب أكثر تجريدا، و منها رحيل الرؤساء و تعديل الدستور....بالمغرب، لم يستطع حادث بسيط و عرضي أن يشكل دينامو الحركة، و البدء بمطالب سياسية ، كحل البرلمان و الحكومة، و تعديل الدستور،اخرج شريحة واسعة من المواطنين من صلب الحركية....في نفس سياق هذه الدلالات، لم يكن نسيج حركة الشباب في تونس بهذه الفسيفساء العقائدية، و ذلك ربما من حسنات نظام بنعلي الذي حارب بدون هوادة المد الإسلامي،و في مصر، تشكلت حركة شباب الثورة من تقارب عمري، أتاح لها الاتفاق حول قواسم مطالب مواطنة و ترك السجال العقائدي للتنافس السياسي لما بعد الثورة....
من خلال هذه الدلالات، يطرح السؤال : كيف يمكن تدبير هذه الاختلافات المذهبية، داخل حركة تريد لنفسها أن تكون جامعة لكل القوي؟
تعتبر سياسة التقية، سرطان يهدد كل لحمة وطنية تنشد أهداف مواطنتية مشتركة،سواء مورست من دعاتها الأصليين، و هم المنتسبين للتيارات الدينية، المعتدلة منها و المتطرفة، أو مورست من طرف المنتمين لليسار،بتلاوينهم المختلفة،إصلاحيين و راديكاليين، مما يجعل فرص الاختراق العمودي المتمثل في شيوخ هذه التيارات أو الأفقي المتمثل في رجالات المخزن،متوفرة و قاتلة...
إن إعلان إطار مبادئ دنيا، و تشكيل هيئة لغربلة كل تيارات الهواء الواردة على الحركة، قد يشكل مقترحا لضمان لحمتها و قوتها،و ذلك بتحديد الانتماءات جميعها، دينية و سياسية و لا أدرية حتى،و تحديد أهداف مرحلية محددة،تستوعب مطالب الشعب البسيطة، و تتضمن ميكانيزمات للارتقاء بذات المطالب من البسيط للمركب،و الاتفاق على إرجاء الصراع السياسي لما بعد إنجاز المهام الموكولة لذات الحركة....
كل هذا يتطلب إرادة سياسية صادقة للفعل الجماعي الإيجابي.....لا يتحقق بالكثير من النوايا، و لكن بالقليل من الحذر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بؤس الصحافة: سمبريرو العالمي وكاغيد الأحداث المغربية

لماذا أنا مسلم غير ممارسpourquoi suis je un musulman non pratiquant

الأكراد يرفضون عرض الداعشية العلمانية...

رسالة للصديقة سناء العاجي.....أو حين يزهر شجر اللوز رغم صقيع اللغة

الأميرة و الوحوش......و خرفان الحداثة

المعادلة الصعبة