الدون البيغ.....وحدك من يجلس فوقه
حين استمعت لأغنية الخاسر،أو من يطلق على نفسه اسم الدون بيك،المسمى قيد حياته المدنية العادية، توفيق حازب،شعرت بالكثير من الغضب و الاشمئزاز،لأن هذا الصرير المنبعث من حاسوبي يسمى في هذه البلاد غناءا،و يطلق على هذا الغناء فن الراب،و ينعت صاحبه بملك الراب في ذات البلاد....
بعد يومين طالعت بجريدة الأحداث المغربية في عددها 4323 الصادر بتاريخ 11 ابريل 2011،و في صفحتها الأخيرة، مقال صغير يشيد بالأغنية،و يعتبرها فتحا في حقل الراب المغربي، بل و تتوج ذات "الغليظ" ملكا على الراب في هذه البلاد....في زاوية أخرى من ذات الصفحة،والتي تأخذ عنوان ملحوظة لا علاقة لها بما سبق، لعمود الصحفي ،في الواجهة لمختار الغزيوي،ما مفاده نفس الرأي، الإشادة بالأغنية و بالموقف ألا أدري المعبر عنه فيها...
ليس مطلوبا من الفنان أن يصطف بالضرورة لجانب سياسي دون آخر، و لا مطلوبا منه أن يكون بالضرورة ثوريا،و لا حتى إصلاحيا،لكنه بالضرورة مرآة فئة اجتماعية ما،تعبير فني على مواقف سياسية لفئة من هذا الوطن،لجهة من جهاته "السياسية"....
الجهة التي انتصر لها "ملك الراب" في صريره المسمى أغنية،ليست هي الشارع بشكل عام، كما جاء في زلة جريدة الأحداث المغربية،لأن هذا الشارع لربما هو من خرج مطالبا بالإصلاحات التي انخرط فيها المغرب الآن،أو على الأقل جزء منه، مع العلم أنه ليس لدينا ما يفيد أن شباب المغرب على اختلاف توجهاته و تكوينه و جنسه، هو مع أو ضد المطالب المرفوعة،و لا هو مع أو ضد ما عبر عنه البيك...
حسنة الجزء الكبير من الشارع الذي ساند شباب العشرين من فبراير أنهم استطاعوا أن يعلنوا ذلك جهرا،خرجوا للشارع الفعلي، و كسروا حاجز الخوف الذي سيطر على البلاد و العباد منذ ما يزيد عن العقد....
كيف لنا إذن أن نناقش الأغنية/الصرير؟
من زاوية فنية بالتأكيد، باستعمال أدوات التقييم الفني لهذا الإنتاج، و هو مطلب من اختصاص ذووا الاختصاص،الذين سيمحصون الأغنية على ضوء التقنيات الموسيقية و أساليب التوزيع و غيرها، و مدى تمكنها من وسائل الانتماء لجنسها، الراب،و هي كلها تقييمات مستبعدة،لأنه لا يوجد في هذه البلاد من يفتي في هذه الفنون،أو للحيطة أكثر لا علم لي شخصيا بوجوده....
من زاوية الخطاب الفني،إذ لا أتصور شخصيا أن لا يكون الشعر مدفونا في أي أغنية كيفما كانت، و لأي جنس انتمت،و صراحة لم أجد فيها سوى الكثير من السباب و الشتم، و مع ذلك أترك المجال لذوي الاختصاص،كي يمحصوا الخطاب الشعري الذي تتغنى به هذه الأغنية،و يستخرجوا لنا صورا شعرية من جملة..."الانتخابات دازت و الشعب كلس فوق منو"، و منو هنا مبنية للمجهول تعني العضو التناسلي ،الذكر...
زاوية الخطاب أو الرسالة التي تريد توجيهها هذه الأغنية لفئة الشباب بشكل عام، أي الذين يساندون مبادرة العشرين من فبراير أو دونهم....وهنا أجد أنه من حق شباب العشرين فبراير شتم و سب صاحب الزعيق،لأنه توجه لهم مباشرة بالسب أولا، و صفهم ب"رباعة ديال البراهش" و هذا حسب علمي ليس بيتا شعريا يُغنى إنما شتيمة بذيئة و صريحة، و وصفهم أيضا بأنهم "وكالين رمضان"،و الإفطار في رمضان في بعض الوعي الشعبي هو شتيمة، مع العلم أن الفن بشكل عام يجب أن ينتصر لقيم الحريات ، و "الغليظ" كان دائما ينتقد الذين يريدون التضييق على حريته في التلفظ بالنابي من الكلمات....
نعتقد أن النقاش العمومي يجب أن يفتح ليس فقط فيما يخص الإصلاحات السياسية المزمع تدشينها، بل في مجموع القيم المتداولة، منها معنى حرية الرأي، و معنى الاختلاف و معنى الأغنية و مفهوم الصرير....إلى ذلك،أعتقد أن البيك وضع نفسه بهذا الزعيق في مواجهة حلم إنساني جميل،بانتصاره لكابوس يجثم على قلوبنا منذ الأزل
والله أعطيتيم الأمر أكثر مما يستحق
ردحذف